[الظروف الاجتماعية]
أحياناً قد يكون هناك ظرف اجتماعي يضغط على الإنسان فلا يعترف بالحق، مثلاً المرأة عندما قذف هلال بن أمية امرأته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (البينة أو حد في ظهرك)، فأقسم هلال أنه برئ وأن الله سوف ينزل براءته، وأنزل الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور:٦] ونزلت آية اللعان، فانصرف النبي صلى الله وعليه وسلم، فأرسل إليها، فجاء هلال فشهد والنبي صلى الله عليه وسلم، يقول: (إن الله يعلم أن أحدكما لكاذب، فهل منكما تائب) ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة، وقفوها وقالوا: إنها موجبة، قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت هذه المرأة، حتى ظننا أنها ترجع وتعترف، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت وأكملت الخامسة، بسبب الضغط وخوف الفضيحة.
والذي حمل أبا طالب على رفض الحق هو ضغط المجتمع:
لولا الملامة أو حذار مسبة لوجدتني سمحاً بذاك مبينا
ولقد علمت بأن دين محمد من خير أديان البرية دينا
فهو يخشى أن يقال: مات على غير دين آبائه.
وختاماً أيها الإخوة أقول: يجب علينا أن نتجرد، فنضع الحق فوق كل اعتبار، ويجب علينا أن ننقاد لله إذا كنا نريد وجهه، ولا نحاول أن نلف وندور أو نقوم بمناورات في سبيل رفض الحق كما يقع لكثير من الناس، حيث تجده يأتي بأعذار وعجيبة جداً تدل على القصة التي ذكرناها عن مؤلف كتاب: الصراع بين الإسلام والوثنية.
في أحد المجالس كنا نتكلم عن الإسلام، وأحد من العامة يقول: أنا غير مستعد أن أمضي قدماً في أشياء أخرى، أنا لا أتعمق في الدين، يكفيني الأركان الخمسة، فقلت: يا أخي! الدين ليس بالأركان الخمسة فقط، قال: بل الأركان كافية جداً، قلت: ما رأيك أن تسكن في بيت فيه خمسة أعمدة فقط، لا جدران فيه ولا شبابيك، ولا غرف؟ قال: لن أسكن فيه.
قلت: الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (بني الإسلام على خمس) فهذه الخمس عندك ولكن أين باقي البناء؛ أين الجهاد في سبيل الله والأمر المعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، وطلب العلم، بر الوالدين؟ أو قال نفس الشخص: التعمق في الدين غير جيد، وانظر هذا مؤلف: الصراع بين الإسلام والوثنية، تعمق في الدين ثم ارتد، فقلت له: هذا الشيخ ابن باز لم يرتد!! وهو متعمق في الدين.
قصة أخيرة أختم بها الكلام: رجل تارك للصلاة، قلت له: اتق الله حرام عليك، كيف تترك الصلاة وهي الركن العظيم في الإسلام؟ هذا خروج عن الملة، وزوجتك حرام أن تجلس معك، قال: والله أنا أريد أرجع إلى الصلاة، ولكن الشيطان فقلت له: لماذا لا تصلي من غدٍ، وكيف تركت الصلاة وأنت تعلم هذه الأحكام؟ قال: يا أخي! أنا لا أصلي الظهر والعصر، فكيف أصلي المغرب والعشاء والفجر؟ قلت له: ولماذا لا تصلي الظهر والعصر؟ قال: لأنني في العمل، فلا أقدر أن أصلي الظهر والعصر، ولذلك تريدني أضحك على ربي وعلى نفسي، أصلي المغرب والعشاء والفجر.
قلت: ولماذا لا تصلي الظهر والعصر في العمل؟ قال: لأن الحمامات فرنجية، وأنا ما أضمن أن تكون عليها نجاسة.
فانظر إلى هذه الأعذار الواهية، فالناس عندهم قضية التفلت بأي عذر، المهم ألا يتبع الحق، وبعض الناس لا يتبعون لكنهم ألطف من غيرهم بقليل يقول: والله أنا مقصر، وأنا عارف أنه خطأ، نسأل الله أن يعيننا، وجزاك الله خيراً أن نصحتنا، وانتهى كلامه هذا أحسن من ناحية الاعتراف.
فعلى العموم، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا من هذه الكلمات البسيطة، وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يهدينا وإياكم الحق.
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على الحق، اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.