للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجود المسلم في وسط يعج بالمعاصي]

ومن الأسباب المهمة في ضعف الإيمان: وجود الإنسان المسلم ولو كانت خامته طيبة في وسط يعج بالمعاصي، وسط يذكر بالدنيا، أحاديث دنيوية، مثل: عموم المجالس والمكاتب وبيوت الناس اليوم، أحاديث التجارة الوظيفة الأموال الاستثمارات الفرص التجارية بيوت فيها اختلاط تعج بالمنكرات تسمع الأغاني تشاهد المتبرجات أفلام ملهيات حكايات، ومجالس فيها قصص العيش في وسط هذه الأجواء يقسي القلب.

بعض الناس لا يملكون شيئاً، فهذا حال أبيه وأمه، وحال إخوانه، وأخواته، وحال أخواله وأعمامه وزواره، فهو لا يملك أن يغير شيئاً أحياناً، ولا يستطيع أن يقول: أنا سأخرج من البيت وأسكن في الشارع، أو أجلس عند صديقي أثقل عليه، لكن هناك إجراءات لا بد من اتخاذها، والقصد أن هذا سبب من أسباب ضعف الإيمان، ولا شك.

بعض الناس أذهانهم مملوءة بهذه القصص التي تقسي القلب والأحاديث، وأذكر مثالاً حصل لي مرة من المرات، كنت ذاهباً مع صاحب سيارة أجرة من مكة إلى جدة في الليل، وفي الليل ينتهز الواحد الفرصة للكلام مع السائق، فقلت له: أنا أخبرك بقصة، وأنت تخبرني بقصة حتى نصل وحتى لا ننام في الطريق، فأخبرته بقصة في صحيح البخاري، وجاء دوره ليقص عليَّ قصة، فأتى الرجل بقصة طويلة، ملخصها أن رجلاً شجاعاً في قبيلة ذهب في الحج، ورأى امرأة وأعجب بها، وكانت ساكنة في اليمن، ثم ذهب إلى اليمن، وتحايل في الدخول إلى بيتها، واتضح أنها زوجة أمير في اليمن، ثم عاش معها شهراً داخل القصر في غياب زوجها، وعاشرها بالحرام، ثم هرب بها، وقتل زوجها.

أشياء كلها بالحرام والزنا والقتل، وفي الأخير قتل، ثم لما علمت بمقتله ماتت بسبب الأشواق التي كانت بينهم، فاستمعت إلى القصة حتى أكمل الرجل، وكان هذا الرجل يتجنب الأشياء الفاحشة، أي: تفاصيل الأشياء، لكن هذا الشيء هو الذي في ذهنه، ويتكلم في القصة وهو معجب بها، وعنده قصص كثيرة مثلها، ويقول: نحن أهل البادية هذه قصصنا وحكاياتنا، وما نمضي به الوقت من هذا القبيل، وهذا مشكلة.

طبعاً هناك أناس مثل سائقي الشاحنات هؤلاء يقطعون على الطريق أوقات طويلة جداً، يظل عشر ساعات وعشرين ساعة وأكثر أيامهم على الطريق، هؤلاء يمضون أوقاتهم في أي شيء؟ وطبعاً هناك سائق ومساعد السائق يمضون أوقاتهم في أشعار فارغة، وقصص كقصص الحب والغرام، أو أشرطة أغاني، والمشكلة أنه طول الوقت في السيارة يمشي ويسمع هذه الأشياء، لذلك لا بد من إيجاد حلول، وتقديم أشياء لهؤلاء الناس لعلهم ينتفعون بها، وهذا قطاع ربما الآن مهمل في الدعوة إلى الله، قطاع سائقي الشاحنات، ليس هناك من ينتبه لهم إلى الدعوة إلى الله، وإعطاءهم الأشياء النافعة والمفيدة.