[أحاديث العطاس عند أبي داود]
أما في سنن أبي داود فقد روى في كتاب الصلاة مما يتعلق بالعطاس في الصلاة حديث معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه، قال: (صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رفاعة فقلت: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال: من المتكلم في الصلاة) ثم ذكر الحديث.
وفي رواية عند أبي داود أيضاً: (عطس شاب من الأنصار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فقال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه حتى يرضى ربنا، وبِعدِّما يرضى من أمر الدنيا والآخرة، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من القائل الكلمة؟ فسكت الشاب، ثم قال: من القائل الكلمة فإنه لم يقل بأساً؟ فقال: يا رسول الله! أنا قلتها لم أرد بها إلا خيراً، قال: ما تناهت دون عرش الرحمن تبارك وتعالى).
وروى أبو داود رحمه الله تعالى كذلك حديث معاوية بن الحكم السلمي الذي رواه مسلم أيضاً، قال: لما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم علمت أموراً من أمور الإسلام، فكان فيما علمت أنه قال لي: (إذا عطست فاحمد الله، وإذا عطس العاطس فحمد الله؛ فقل: يرحمك الله).
وفي رواية أبي داود توضيح لرواية مسلم، فـ معاوية بن الحكم السلمي كان رجلاً يسكن البادية، فجاء إلى المدينة وأسلم وتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم أشياء، ومن هذه الأشياء أن العاطس إذا حمد الله يشمت، ثم أنه لما تعلم هذا الأمر، قال: (فبينما أنا قائم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة إذ عطس رجلاً فحمد الله، فقلت: يرحمك الله رافعاً بها صوتي، فرماني الناس بأبصارهم حتى احتملني ذلك، -أي: وجد في نفسه من هذا النظر والعبوس- فقلت: مالكم تنظرون إلي بأعين شُزر؟ قال: فسبحوا -لأنه من نابه شيء في الصلاة سبح أي: يسكتوه بالتسبيح- فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: من المتكلم؟ قيل: هذا الأعرابي).
وقد عنون عليه أبو داود رحمه الله باب تشميت العاطس في الصلاة.
وأيضاً مما رواه أبو داود في سننه وهو حديث صحيح، عن أبي هريرة قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض -أو غضَّ- بها صوته) أو بأي شيء يغطي فمه ويغض من صوته.
ومن الصيغ التي تقال في العطاس بخلاف ما ورد من قوله: (الحمد الله يرحمك الله) ما رواه أبو داود أيضاً في كتاب الأدب من سننه وهو حديث صحيح، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال، وليقل أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، ويقول هو: يهديكم الله ويصلح بالكم).
فيقال إذاً (الحمد لله) وفي رواية (والحمد لله على كل حال) وروى كذلك أبو داود في سننه في باب كم مرة يشمت العاطس، من حديث عبيدة بنت عبيد بن رفاعة الزرقي عن أبيها عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (تشمت العاطس ثلاثاً، فإن شئت أن تشمته فشمته، وإن شئت فكف) ولكن هذا الحديث حديث ضعيف.
وروى كذلك رحمه الله تعالى في ماذا يقال لأهل الكتاب أو للكفار إذا عطسوا، من حديث أبي بردة عن أبيه، قال: (كانت اليهود تعاطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم: يرحمكم الله -فيدعو لهم بالرحمة- فكان يقول: يهديكم الله ويصلح بالكم) فإذا عطس الكافر فلا يترحم عليه، ولا يقال له: يرحمك الله، ولا يدعى له بالرحمة، وإنما يقال: يهديكم الله ويصلح بالكم.
وهذا ما يتعلق بالعطاس من سنن أبي داود.