قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: يتعين على أهل العلم من المتعلمين والمعلمين، أن يجعلوا أساس أمرهم الذي يبنون عليه حركاتهم وسكناتهم الإخلاص التام، والتقرب إلى الله تعالى بهذه العبادة التي هي أجل العبادات وأكملها وأنفعها وأعمها نفعاً، ويتفقد هذا الأصل النافع في كل دقيق وجليل من أمورهم، فإن درسوا، أو دارسوا، أو بحثوا، أو ناظروا، أو أسمعوا، أو استمعوا، أو كتبوا، أو حفظوا، أو كرروا دروسهم الخاصة، أو راجعوا عليها أو على غيرها الكتب الأخرى، أو جلسوا مجلس علم، أو نقلوا أقدامهم في مجالس العلم، أو اشتروا كتباً، أو ما يعين على العلم، كان الإخلاص لله واحتساب أجره وثوابه ملازماً لهم؛ ليصير اشتغالهم كله قوةً وطاعةً، وسيراً إلى الله وإلى كرامته، وليتحققوا بقوله صلى الله عليه وسلم:(من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهل الله له طريقاً إلى الجنة) أخرجه مسلم؛ فكل طريق حسيٍ أو معنويٍ يسلكه أهل العلم يعين على العلم أو يحصله؛ فإنه داخل في هذا.
وقال البخاري رحمه الله تعالى: باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله وهو لا يشعر، وقال إبراهيم التيمي: ما عرضت قولي على عملي إلا خشيت أن أكون مكذباً، وقال ابن أبي مليكة:[أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول إنه على إيمان جبريل وميكائيل] ويُذكر عن الحسن: [ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق].
ما خاف عذاب الله إلا مؤمن، ولا أمن عذاب الله إلا منافق، هذا بعض ما ورد عن السلف مما يدفعنا إلى الحرص على الإخلاص، ومجاهدة النفس في سبيل الوصول إليه.