ومن أجل فتنة النساء اتخذ الشارع سائر الإجراءات الكفيلة لحماية الرجل من الوقوع في فتنة المرأة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إياكم والدخول على النساء! فقال رجلٌ: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) وهو قريب الزوج أخوه وسائر أقاربه، فالدخول على النساء الأجنبيات يشبه الموت في خطره يؤدي إلى موت الدين، وربما أدى إلى الرجم وهو موت إذا زنا بها وهو محصن، وقال صلى الله عليه وسلم:(لا تسافر المرأة إلا ومعها ذو محرم).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) كل هذه الإجراءات لأجل درء فتنة النساء، والنبي صلى الله عليه وسلم أطهر الناس مع الصحابة، وهو أفضل هذه الأمة، وقد كان عليه الصلاة والسلام يعمل سائر الإجراءات الكفيلة بمنع الاختلاط والنظر، فعن أبي أسيد الأنصاري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال بالنساء في الطريق، فقال صلى الله عليه وسلم ينهى عما رآه:(استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق) فالمرأة لا تمشي في الوسط، بل تمشي في الجوانب، والرجال يمشون في الوسط هكذا كانت الشوارع في المجتمع الإسلامي الأول، فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به، والحديث رواه أبو داود وهو حديث صحيح.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت:[كان النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلمن من المكتوبة، قمن مباشرةً، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال فترة كافية لخروج النساء، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام الرجال].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي الحديث الاحتياط في اجتناب ما قد يفضي إلى المحظور، وفيه اجتناب مواضع التهم، وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلاً عن البيوت.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو تركنا هذا الباب للنساء) وهو باب في المسجد مخصص للنساء، وإلى الآن اسمه باب النساء، قال نافع:[فلم يدخل ابن عمر منه حتى مات].
هذه الإجراءات وغيرها لأجل درء فتنة النساء.
تقول عائشة -رضي الله عنها- بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بفترة:[لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء- أي: ما أحدثن بعده- لمنعهن كما منعت نساء بني إسرائيل] وماذا أحدث النساء في عهد عائشة؟ وهي تقول: لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم الوضع، لمنعهن من المساجد والخروج، فلو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعنا اليوم، ماذا تراه يقول؟ وماذا تراه يفعل؟!