وهنا مسألة دقيقة: لو قال قائل: يا أخي، لا يخلو الإنسان من الوساوس، أي: يأتينا الشيطان ويوسوس لنا ويقول: يمكن الله موجود أو غير موجود واليوم الآخر وهكذا فهل نحن كفار وخارجون عن الملة؟ فنقول: فرق بين الشك المنافي لليقين وبين الوسوسة، فالوسوسة مما يهجم على الإنسان بغير اختياره، فإذا كرهها ونفاها كان ذلك صريح الإيمان عنده، فلو جاءك الشيطان وقال لك يمكن يوجد ويمكن لا.
وتقول: والله لئن ألقى من جبل ولا أن أقول الشيء الذي يوسوس به الشيطان، أنا كاره، يوسوس لي بأشياء أعوذ بالله، أشياء فظيعة.
معناه: أنت كاره لهذه الوسوسة.
إذاً: ما عليك شيء، وبالعكس هذا صريح الإيمان، اطمئن، لكن الذي يشك بدون وسوسة، هكذا عقيدته يقول: أنا أعتقد أن هذا غير موجود ويمكن أن يكون موجوداً، هذا إنسان عنده شك في قلبه، ولذلك لو وسوس الشيطان فكره ذلك فليس عليه شيء إطلاقاً، وأما إذا استكان لوسوسة الشيطان وصدقها وبنى عليها فقد كفر.
إذاً: المسألة الآن لا تحتاج إلى قضية قلق وإزعاج؛ لأن بعض الناس يأتيهم من هذه القضية فيعتبر نفسه كافراً، وهذا لا يجوز، اطمئن، ما دمت موقناً بالله وأنه الخالق الرازق المحيي والمميت، ويجب عبادته وحده لا شريك له، موقناً بالجنة وأن الله خلقها من زمان، وأن الله خلق النار من زمان، وأن البعث والجنة حق والنار حق والحساب حق وعذاب القبر حق والساعة آتية وأن الله يبعث من في القبور، ما دمت جازماً بهذا فلا يضرك لو أن الشيطان جاء وألقى لك بعض الأفكار الخبيثة التي أنت تقاومها وتكرهها وتطردها، وتقول: أعوذ بالله من الشيطان وتتفل عن يسارك ثلاث مرات، فهذه لا تضرك إن شاء الله.