عندما نقرأ التاريخ نجد فيه أخبار المشعوذين والدجاجلة وكيف كانوا يخدعون الناس، والأشياء الموجودة الآن في أماكن مختلفة من البلدان كانت موجودة في السابق.
ومن ذلك مثلاً: ما حصل أن رجلاً من الصوفية -والصوفية لا زالوا يخدعون الناس في أنحاء كثيرة من العالم الإسلامي- خدع الملك الظاهر برقوق وأوهمه أنه من أولياء الله، فاعتقد هذا السلطان بهذا الشيخ وهذا الولي -كما يزعمون- وكان إذا دخل الشيخ شفع عند الملك، ثم وصل الأمر إلى درحة أن هذا المشعوذ كان يحضر مجلس السلطان العام ويجلس معه بجانبه على المقعد الذي هو عليه، ويسبه بحضرة الأمراء، وربما يبصق في وجهه ولا يفعل السلطان له شيئاً، لماذا؟ من أثر هذا المشعوذ على السلطان، وكان يدخل المشعوذ على حريم السلطان فلا يحتجبن منه وهكذا.
وكذلك من الأشياء المشابهة لهذا: أنه أشيع أن امرأة عام (٧٩٦هـ) -انظروا كيف تشيع الخرافات بين الناس- طال رمدها، فرأت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فأمرها أن تأخذ من حصى أبيض في سفح جبل المقطم وتكتحل به بعد سحقه، ففعلت فعوفيت، فانتشر هذا بين الناس فماذا فعل العامة؟ تكاثروا على استعماله حتى أن حصى جبل المقطم انتهى وهم يلتقطونه ويسحقون منه للشفاء والعلاج والبركة، لماذا؟ لأن امرأة رأت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وقال كذا، وانتشرت الرؤية المكذوبة، والآن الرؤى الكاذبة على الرسول صلى الله عليه وسلم لا تزال موجودة ومنتشرة، ومنها الرؤيا المنسوبة إلى (أحمد) خادم الحرم المدني قبل مائتي سنة، وربما الرؤيا لا زالت تروج إلى الآن في مواسم وتهدأ وتظهر وتهدأ، مفادها: أن هذا الخادم نام مرة بجانب المسجد، فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، وأخبره عن حوادث كثيرة وكذا وكذا وفي النهاية ومن لم يطبع الورقة فإنه سيخسر، وإذا كذَّب بها فإنه سيموت أو كذا ويصاب المصائب والمغفلون من المسلمين يطبعون هذه الأوراق ويوزعونها.
وكذلك فمن الأشياء التي حصلت: أن في أوائل رجب شاع بين الناس أن شخصاً كان يتكلم من وراء حائط؛ فافتتن الناس به، حتى قال قائلهم:(يا رب سَلِّم، الحيطة بتتكلم) وحتى قال أحد الشعراء مستهزئاً:
يا ناطقاً من جدارٍ وهو ليس يرى اظهر وإلا فهذا الفعل فتانُ
لم تسمع الناس للحيطان ألسنة وإنما قيل للحيطان آذنُ
هذه اللعبة التي لعب فيها بعض المشعوذين على الناس، عملوا من جهةٍ من الجهات نقض في الحائط وله مثل الماسورة أو قرن وينفخ فيه بشكل يتغير الصوت عند النفخ فيه، والناس يأتون ويسمعون الصوت ويعتقدون أن ولياً من أولياء الله هنا ونحو ذلك، وعظم ذلك المكان بسبب لعبة لعبها بعض المشعوذين.
إن الموالد كانت تقام وتفعل فيها الرذائل، ومن ذلك أنه عُمِلَ المولد النبوي -بزعمهم- واجتمع فيه من الخلق مالا يحصى عددهم، ووجد في صبيحته (١٥٠) جرة من جرار الخمر فارغة، غير ما كان في تلك الليلة من الفساد والزنا واللواط، هذا في أي شيء؟ في حفلة المولد النبوي، وهي بدعة زائفة.
هذا الاحتفال يُفعل إلى الآن -أيها الإخوة- في كثير من البلدان، يعملون مولد نبوي رجالاً ونساء إلخ، وأنت تسمع وتقرأ في الوسائل المرئية والمسموعة إلى الآن عندما يأتي (١٢ربيع الأول) حفلة مولد نبوي، غناء وموسيقى وطبل ونساء يغنين ويرقصن، في ماذا؟ في المولد النبوي.