[استنباط ابن هبيرة علاقة السمع بالليل والبصر بالنهار في سورة القصص]
قال ابن الجوزي: وسمعته يقول في قوله تعالى: {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ}[القصص:٧١] تكملة: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ}[القصص:٧١] أي: نور، نهار تستضيئون بنوره، وفي الآية الأخرى قال:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ}[القصص:٧٢] فلماذا قال عند ذكر النهار: {تُبْصِرُونَ}[القصص:٧٢] وعند ذكر الليل {تَسْمَعُونَ}[القصص:٧١]؟ قال: إنما ذكر السماع عند ذكر الليل، والإبصار عند ذكر النهار؛ لأن الإنسان يدرك بسمعه في الليل أكثر من إدراكه في النهار، ويرى في النهار أكثر مما يرى في الليل، ولذلك سلطان السمع في الليل، وسلطان البصر في النهار.
فـ الوزير يحيى رحمه الله صاحب تدبر في كتاب الله، وهذا من تأملاته وتدبره في كتاب الله؛ لأن الله قال:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}[النساء:٨٢]{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}[المؤمنون:٦٨].