والعامل الثاني من عوامل الرزق الشرعي: التقوى وقد عرفها العلماء بقولهم: امتثال أمر الله ونهيه، والوقاية من سخطه وعذابه سبحانه وتعالى.
ولذلك فإن الذي يصون نفسه عن المعاصي متقٍ لله، والذي يقوم بالواجبات متقٍ لله، والدليل على ارتباط التقوى بالرزق قول الله تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:٢ - ٣].
{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ}[الطلاق:٢] فيما أمره به، وترك ما نهاه عنه، يجعل له من أمره مخرجاً {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:٣] أي: من جهة لا تخطر بباله.
وهذا له قصص كثيرة، وشواهد في الواقع؛ لكن أين المتقون؟! إن الذين يفعلون المعاصي ويرتكبون المنهيات كثير ينظرون إلى ما حرم الله، ويستمعون إلى ما حرم الله، ويمشون إلى ما حرم الله، ثم يقولون: لا نجد رزقاً، لا نجد عملاً، لا نجد وظيفة! نقول: اتقوا الله يجعل لكم مخرجاً، فقد قال ربنا:{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الأعراف:٩٦].
بركات من السماء، أي: المطر، وبركات الأرض، أي: النبات والثمار، وكثرة المواشي والأنعام، وحصول الأمن والسلامة؛ لأن السماء تجري مجرى الأب، والأرض تجري مجرى الأم، ويحصل لهذا المخلوق على الأرض وتحت السماء من الرزق -إذا ما اتقى الله- ما الله به عليم.
عباد الله: إن تطبيق الشريعة وسيلة عظيمة لحصول الرزق للناس، ودليله قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ}[المائدة:٦٦] أقاموا الشيء المنزل من السماء، أقاموه وطبقوه وحكَّموه {لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}[المائدة:٦٦] هذه الآية السادسة والستون من سورة المائدة، وهكذا يكون تطبيق الشرع عاملاً من عوامل الرخاء، وسعة الرزق، ووجود البحبوحة للخلق.