للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الزوج البخيل]

نأتي الآن إلى مسألة أخرى، ومشكلة عويصة، وهي الزوج البخيل، الزوج البخيل يتصور في الزوج لا في الزوجة، الزوجة قد يكون فيها بخل لكن ينعكس أكثر إذا كان من الزوج، ويظهر أثره السلبي الواضح في الأسرة، بعض الأزواج الحقيقة أنهم لا يخافون الله في الصرف على العائلة وحتى الأولاد، فمثلاً: البيت قذر، البلاعات تطفح، ويخرج ما فيها في البيت، الروائح كريهة، ودهان الجدران مقشر، والمكيفات لا تعمل، والثلاجة تفح بالماء، والغسالة معطلة، والأشياء تتلف في البيت تدريجياً، وهو من بخله لا يصرف ولا ينفق، ولا يصلح البيت، وقد تكون عنده قدرة لشراء بيت جيد، وإذا أنعم الله على عبده فإنه يحب أن يرى أثر نعمته عليه، ومع ذلك لا يصرف شيئاً في البيت، بالنسبة للمصروف لا يعطيها مصروفاً ولا تشتري ثياباً، وربما تكون ثيابها التي عليها هي ثياب أختها.

الطعام قد يكون مقتراً في البيت جداً ولا يأتي بالأكل؛ حتى أن بعض الجيران قد يشفقون عليهم ويلاحظون فيعطونهم على الغداء وعلى العشاء؛ لأنهم يعرفون أن زوج هذه المرأة لا يشتري شيئاً حتى الطعام، ما في الثلاجة إلا الخبز، وربما لا تفطر ولا تتعشى إلا خبزاً وشاهي فقط، بعض الناس عندهم عجائب في هذا الجانب، ولا يدري إلا من سمع وتقصى الأخبار، وربما لا يدخل اللحم إلى البيت إلا في العيدين -من العيد إلى العيد- عقيقة الأولاد ربما لا يذبحها من بخله، إذا جاء ضيف قال: قولي له: غير موجود، ينعزم ولا يعزم، وهذا الوضع سيئ.

ربما بعض الأزواج تصل بهم الدناءة أن أهم شيءٍ عنده إشباع بطنه، فمثلاً: يمكن أن يُعزَم في العمل إلى وليمة أو شيء من هذا القبيل، لكن لا يهتم أبداً هل عندهم طعام في البيت أم لا، المهم أنه تغدى وملأ بطنه، والزوجة والأولاد أكلوا أم لم يأكلوا الأمران عنده سواء، وبعضهم من البخل لا يشتري ألعاباً لأولاده، واللعب للأولاد شيء ضروري، وقد لا يشتري لهم حلويات، حتى أن بعض النساء يمكن أن تجمع من ضيافات الناس، عندما تذهب إليهم وتقول: والله أخبيها لعيالي؛ لأن أباهم عمره ما أتى لهم بقطعة حلويات، تقول: أنا الآن أهلي يصرفون علي، آخذ نفقتي من أهلي، وربما نشتري أغراض البيت من أهلي، أنا الآن أبي زوجني لكي يتخفف عنه بعض المصروفات، وإذا بي جئت عبئاً عليهم بمصروفي ومصروف زوجي وأولادي وهذا شيء حاصل، وربما أخوها يعطف عليها ويعطيها، فإذا كان الوضع بهذا الحال، فماذا تفعل الزوجة يا ترى؟ عن عائشة رضي الله عنها قالت: (جاءت هند بنت عتبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح ولا يعطني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه وهو لا يعلمه -مضطرة تشتكي وهذه ليس غيبة؛ لأنها مضطرة أن تشتكي حالها، لا بد من إيجاد حل، وهذا أمر عائلي مستمر، هذه ليست عيشة ساعة أو ساعتين أو يوم أو يومين، هذه حياة مستمرة، وهذه مشكلة متأصلة ولا بد من إيجاد حل- قال صلى الله عليه وسلم لها: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف) رواه البخاري ومسلم.

وبناءً عليه يكون عندنا حكم شرعي مقر من الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أن المرأة إذا بخل عليها زوجها يجوز لها أن تأخذ ما تحتاج بالمعروف، الشرط: بالمعروف، تأخذ من جيبه حتى لو لم يعلم، تأخذ وتصرف على نفسها وبيتها وأولادها وهو لا يعلم، ولا تعتبر سرقة ولا يعتبر حراماً، بشرط أن يكون بالمعروف، أما أن تختلس منه وتسرق وهو ينفق عليها وغير مقصر معها، فإنه لا يجوز لها ذلك أبداً، ويا ويلها عند الله إن فعلت ذلك وأخذت ماله بغير علمه.