كذلك من الشهوات مثلاً: شهوة المنصب، بعض الناس لا يلتزمون بأحكام الإسلام، ليس لأنهم لا يحبون الالتزام، ولكن لأنهم يخافون أن يفقدوا مناصبهم الإدارية وما شابه ذلك؛ لأنه يخشى أن يغضب عليه رؤساؤه عند الالتزام، فيعزلونه من منصب الإدارة أو من المنصب الفلاني؛ لأن رؤساءه لا يحبون التدين ولا الالتزام بالإسلام؛ فهو يخشى أنه إذا التزم أن يفقد منصبه، ولن يعطي العلاوات الفلانية، ولا الزيادات، ولن يترقى من مرتبة إلى مرتبة، وسيجمد في مكانه وهكذا.
هذه المسألة -مثلاً- نفس قضية الزعامة أو الرئاسة، قد يكون الإنسان في مجموعة من الناس الشاردين، ويكون هو الذي يُسيطر عليهم ويأتمرون بأمره، هو القائد فيخشى إذا التزم أن يفقد سيطرته على هؤلاء الناس، ويفقد هذه الزعامة التي يتمتع بها الآن يفقد شهوة حب الرئاسة، لا يتمتع بذلك، هو الآن عنده مجموعة وهو القائم عليها، وهو الذي يطيعون أمره، وإذا قال شيئاً نفذوه وهكذا.
هذا يخشى إذا التزم ألَّا يلتزموا معه، أو يخشى إذا التزم أن الالتزام سيذهب هذه الشهوة وسيقضي على إشباع الغريزة غريزة حب الرئاسة بنفس هذا الرجل.
أيها الإخوة! إذا خُير الإنسان المسلم بين أمرٍ فيه طاعةٌ لله وبين أمرٍ فيه إرضاءٌ لنزواته وشهواته، فماذا يختار؟ هنا يظهر الالتزام بالإسلام، وهنا يظهر الإيمان حقيقةً، لأنك -الآن- مخير بين أمرين شديدين على نفسك، فما الذي تقدم؟ هل تقدم ما يحبه الله عز وجل ويرضاه، أم تقدم ما ترضي به نفسك وما يُرضي شيطانك؟