نحن اليوم في أشد الاحتياج إلى هذه الأمور التي يتربى عليها أبناء الإسلام.
عدم الرد إذا لم يكن الرد من مصلحة أهل الإسلام، وتصبير النفس بالثواب والعقبى في الآخرة، وأخذ العبرة من أنباء ما قد سبق وعلى رأسهم رسول الله صلى عليه وسلم في مكة هو وأصحابه، وأن نتيقن أن المستقبل للإسلام.
لأن الإسلام في طريق العودة إلى حياة المسلمين رغم جميع الضربات، الإسلام الآن في تقدم مستمر على جميع الأصعدة، وبعد انتهاء حرب الشرق والغرب انتقل مجال الصراع إلى التحدي بين الشمال والجنوب، أي بين الكفار والمسلمين، وصحيح أن المسلمين لا يملكون سلاحاً للمواجهة والتحدي يحصل به نوعٌ من الموازنة بين القوى، ولكن ماذا يملك المسلمون من الأشياء التي تستثير الكفار فعلاً؟ يملك المسلمون منهجاً حضارياً ينافسون به الكفار، هذا المنهج يعلن تقدمه باستمرار ويتأكد فشل المنهج الغربي يوماً بعد يوم، إن هذا الذي يقلق الكفار فعلاً؛ لأن النظام الحضاري لما درسه المستشرقون وقدموه لأسيادهم، وجدوا أن النظام الحضاري الإسلامي يفوق غيره بكثيرٍ جداً، وهذا ما سيقنع العالم بعد فترة من الزمن، أولئك الناس يخططون ويعرفون أن حضارتهم أنتجت الجنون والأمراض العصبية والنفسية والانتحار والمجاعات، والربا ازداد ازدياداً بحيث فقر الفقير جداً، واغتنى الغني غناءً فاحشاً، وعرفوا بأنه سبب هذه الأمراض التي تفتك بالملايين منهم، يقول لك: الآن موجود في تلك البلد مليون ونصف مصابون بالإيدز، الآن في عام [٢٠٠٠] سيصل العدد إلى كذا، ربما إلى أربعين مليون مصاب بالإيدز، وبعد كذا سنة سيموت هؤلاء؛ لأن هذه الدراسات التي يعملونها تؤكد أنه يمكن أن تنهار حضارتهم بالمرض فقط من غير حرب، ولا يحتاج إلى شيء يمكن أن تنهار بالمرض فقط والله عز وجل على كل شيء قدير.
فهم يعلمون أن عند المسلمين نظاماً حضارياً هائلاً وقوياً جداً، ويعلمون أن حضارة الإسلام أفضل من حضارتهم، وأن هذا العلم بالدنيا الذي اكتشفوه جعل لهم ميزة من التفوق لن يصمد طويلاً وأنه سينهار، فنحن اليوم بأمس الحاجة إلى أن نعرف أن المستقبل للإسلام كعلاج نهدئ به أنفسنا في موازنة الانفعالات التي تحدث، وتمنعنا ونحن نسير على يقين بأن المستقبل لنا بإذن الله، المستقبل للإسلام بلا شك؛ لأن هناك عدداً من البشائر الموجودة في القرآن والسنة تؤكد هذا المعنى وهذا المفهوم، هذا الأمر الذي ينبغي أن يتيقنه المسلم حتى اليائس ماذا يفعل؟ اليائس الذي يعلم أنه غارق وأنه لا مستقبل له يخبط يميناً وشمالاً، يائس لا مستقبل له، لكن ليس هذا وضع المسلمين، لو كنا نعلم أنه لا مستقبل للإسلام وأنه إلى زوال، لكن نحن نعلم يقيناً أن المستقبل للإسلام وأن الله ناصر دينه، وأن هذه فترة مرحلية ستنتهي بالتأكيد، وأن تساقط الحضارات والمجتمعات الكبيرة جداً فيها دلالة قاطعة على بقاء الإسلام، فهناك أفكار بدأت وانتهت وصارت نسياً منسياً، ونظريات زالت وبقي الإسلام موجوداً في الواقع، رغم المحاولات الكثيرة والحملات المتعددة إلا أن الإسلام بقيت جذوره موجودة، ماذا يعني هذا؟ بل إنه في ازدياد كما تدل عليه الحوادث الجارية الآن، والمسلمون في ازدياد وتقدم من الوعي وغيره عدداً وكماً وكيفاً، فمعنى ذلك: أنه لا حاجة إلى أن نخبط خبط عشواء ونحن نعلم أن المستقبل لنا، إذا كنا نحن جيل الصحوة فأولادنا جيل النصر إن شاء الله، ولن نيئس وربما نرى النصر في حياتنا فما يدرينا.
فإذاً نقول: أن تعلم أن المستقبل للإسلام هذا مهم في ضبط الانفعالات، لأن الذي يعلم أن المقتول مقتول والزائل زائل فلنخلد ذكراه ولو باللعنات، لكن الذي يعلم بأن المستقبل له فعلام يسير بشكل أهوج ويخبط بدون حساب؟! هذا لا يمكن أن يكون.