أما بالنسبة للأشياء المالية والجنايات البدنية فهناك فرق بينها وبين الغيبة لأن الحقوق المالية والجنايات البدنية ينتفع بها صاحبها إذا أخبرته عنها، فلا يجوز إخفاؤها عنه ويجب أداؤها إليه بخلاف الغيبة والقذف، فإنه ليس هناك شيء ينفعه يؤديه إليه إلى الإضرار والتهييج، والشيء الثاني: إذا أعلمت شخصاً أنك سرقت منه مثلاً ولم تؤذه وتجرح شعوره وتسبب غضباً وعداوة، بل ربما سره ذلك في الغالب، ينبسط أنك الآن اعترفت له، وبالنسبة لقضية الجنايات نبدأ الآن نفصل في قضايا الجنايات والأموال: بالنسبة للجنايات لو جنيت على شخص مثلاً: قتلت إنساناً وهربت ولم يقبض عليك ويقتص منك، هربت أنت وأخفيت أثر الجريمة، فالآن القاتل يتعلق عليه ثلاثة حقوق: الأول: حق لله.
الثاني: وحق للقتيل.
الثالث: وحق لورثة القتيل.
فأما حق الله فبالتوبة، إذا تبت إلى الله قضي عنك حق الله، وأما بالنسبة للورثة فإنك يجب عليك أن تسلم نفسك إليهم لأن لهم حقاً وهم يستوفون حقهم منك إما بالمال (الدية) أو بالعفو مجاناً يطلقونك لوجه الله، أو يقولون: لابد لنا من القصاص، لابد أن نقتص منك وتقتل أنت لأنك قتلت صاحبنا، فحق الورثة لا يسقط إلا إذا سلم نفسه إليهم وهم الآن بالخيار إما أن يعفوا عنه مجاناً، أو يأخذوا منه مالاً، أو أن يطلبوا القصاص، وبقي حق القتيل، حق القتيل كيف تقضيه؟ لا يمكن، ولذلك حصل خلاف بين العلماء في هذه المسألة، الأوسط فيها أن الإنسان القاتل إذا تاب إلى الله توبة صادقة صحيحة فإن الله يتحمل عنه حق القتيل ويعطي القتيل في الآخرة من الحسنات أو من العوض ما يعوضه عن حقه على القاتل، هذه رحمة الله عز وجل.