كذلك من آداب السفر في طلب العلم: التماس الرفيق قبل الطريق يلتمس أهل التقى ويحرص عليهم، عن مبارك بن سعيد قال: أردت سفراً فقال لي الأعمش: سل ربك أن يرزقك أصحاباً صالحين؛ فإن مجاهداً حدثني قال: خرجت من واسط فسألت ربي أن يرزقني أصحاباً ولم أشترط في دعائي، فاستويت أنا وهم في السفينة، فإذا هم أصحاب طنابير.
أي: معازف.
والتماس الرفيق في الرحلة مهم جداً؛ لأنه يعين ويساعد، وقد خرج موسى ومعه فتاه يوشع، وقال بعض السلف:"التمسوا الرفيق قبل الطريق" وقيل: "ابتغ الرفيق قبل الطريق فإن عرض لك أمر نصرك، وإن احتجت إليه رفدك" -أي: أعانك- وينبغي للطالب أن يتخير لمرافقته من يشاكله ويوافقه على غرضه ومطلبه، لا يذهب شخص إلى الشرق والآخر إلى الغرب، أو رجل عنده غرض غير الغرض الذي خرج له هذا، لأنهما سيختلفان ويختصمان ويؤدي ذلك إلى الافتراق.
ومراعاة الرفيق مهمة، عن الأصمعي قال: الصاحب والرفيق رقعة في قميص الرجل، فلينظر بمن يرقعه.
وإذا خرج مع رفيقه أو رفقائه فإن عليه أن يحسن المعاشرة، ويكون جميل الموافقة في المرافقة في سفر الطلب، فقد ورد في الأثر:(خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه).
وقال مجاهد:[صحبت ابن عمر وأنا أريد أن أخدمه فكان هو الذي يخدمني].
وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال: للسفر مروءة وللحضر مروءة: فأما مروءة السفر فبذل الزاد، وقلة الخلاف على أصحابك، وكثرة المزاح في غير سخط الله؛ لأن السفر فيه مشاق.
وعن صدقة بن محمد أنه قال:"يقال: إنما سمي السفر سفراً؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال".
وقال عمر بن مناذر: كنت أمشي مع الخليل بن أحمد فانقطع شسعي فخلع نعليه، فقلت: ما تصنع؟ قال: أواسيك في الحفاء.
ما دام أنه انقطع نعليك وأنا عندي نعلين أخلعهما وأمشي معك حافٍ، أواسيك في الحفاء.