قال عليه الصلاة والسلام:(خير نسائكم الودود الولود -الودود أي: المتحببة إلى زوجها- المواتية -الموافقة لزوجها- المواسية -التي تواسيه لو صار فيه خطب أو حزن- إذا اتقين الله -إذا خفنه وأطعنه- وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات -أي: المعجبات المتكبرات- وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم) حديث صحيح في صحيح الجامع رواه البيهقي عن أبي أذينة.
ما هو الغراب الأعصم؟ هو الذي منقاره ورجلاه لونها أحمر، هل رأيتم غراباً أحمر المنقار والرجلين؟! نادر جداً، ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه الندرة، وأقل ساكنين الجنة النساء، وأكثر أهل النار النساء، النساء الآن أكثر من الرجال، لكن بسبب غلبة النفس الأمارة بالسوء، وكثرة انقياد المرأة إلى مزالق الشيطان، والمرأة من انقيادها أنها تأخذ برأي الرجل الحكيم، قد ينصحها أبوها: هذا الرجل لا يصلح لك، هذا إنسان فاسق، هذا سألنا عنه كذا وكذا، أحياناً البنت تركب رأسها وتقول لأبيها: إني أريده، ولا بد، ولا تكلم أباها، وتقاطعه، وتقلب وجهها، وتتغير ملامحها أمام أهلها، وأمام أمها، وتدخل من الخارج إذا كانت موظفة أو مدرسة وتغلق على نفسها الباب ولا تأكل، ويصيبها المرض، ويذهبون بها إلى المستشفى، كل هذا عناداً لهم، لماذا؟! فإذا كانوا هم غير محقين، قد يكون عندك مبرر تفعلين هذا، لكن أحياناً يكون الأب طيباً حريصاً على مصلحة البنت.
وهذه القصة عن الصحابية فاطمة بنت قيس تبين لنا عاقبة الأخذ بالرأي الحميد فعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن زوجها طلقها ثلاثاً فلم يجعل لها رسول الله سكناً ولا نفقة، قالت: قال لي رسول الله: (إذا حللت فآذنيني) أخبريني إذا انتهت العدة، فآذنته فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد، تقدم ثلاثة لخطبة فاطمة بنت قيس، فقال رسول الله:(أما معاوية فرجل ترب -فقير مسكين وقد لا يناسبك- وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء -لا يضع عصاه عن عاتقه كناية عن كثرة ضربه للنساء- ولكن أسامة بن زيد) فقالت بيدها هكذا: أسامة أسامة إشارة للاستغراب! لماذا قالت بيدها هكذا؟ لأن أسامة كان مولى، وكان أيضاً أسود اللون؛ وليس من نفس طبقتها، وكان أبوه زيد بن حارثة أبيض حتى إن بعض الناس شككوا في نسب أسامة من زيد، قالوا: كيف يكون أسود من أبيض؟ فكان الرسول صلى الله عليه وسلم لحبه لهما يتأذى من هذه الأشياء، وثبت في الحديث الصحيح أن رجلاً من الأعراب عنده خبرة بالقافة، من أثر الأرجل يعرف العلاقات، فلما دخل كان أسامة وأبوه نائمين قد تغطيا بشيء فلم يبدُ إلا أقدامهما، فدخل الأعرابي الرجل الخبير فنظر في القدمين، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فالرسول صلى الله عليه وسلم سر جداً بهذا الكلام، لأنه قطع الكلام، وهؤلاء القافة لهم عجب في هذا، أنه قد يخبر من هي؟ وهل هي حامل أو لا؟ وهل هي شابة أو عجوز؟ فقالت بيدها هكذا فقال لها رسول الله:(طاعة الله وطاعة رسوله خير لك، قالت: فتزوجته فاغتبطت) أي: تزوجته فسُرَّت وارتاحت وعاشت معه عيشة سعيدة.