[التحذير من موالاة الكفار]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
الجواب
=٦٠٠٠٣٩٤> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران:١٠٢].
الجواب
=٦٠٠٠٤٩٣> يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:١].
الجواب
=٦٠٠٣٦٠٢> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الإخوة: تكلمنا في الخطبة الماضية عن ولاية المؤمن لربه عز وجل، وأنه ينبغي لكل مسلم أن يتخذ الله سبحانه وتعالى ولياً لا شريك له، ونحن اليوم نذكر ولاية المؤمنين لبعضهم بعضاً.
إن الله سبحانه وتعالى وصف المؤمنين والمؤمنات بقوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:٧١]، وحصر الله الولاية فيه عز وجل وفي رسوله وفي المؤمنين، فقال: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة:٥٥]، وأخبر عن عاقبة الولاية بقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة:٥٦]، ونهى عن اتخاذ الكفار أولياء، وأمر بجهادهم وقتالهم، فقال: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:٨٩]، وكما أن بضدها تتميز الأشياء، فإنه لا يكفي معرفة التوحيد، بل يجب معرفة الشرك، وكما أنه لا يكفي موالاة المؤمنين فإنه يجب معاداة الكافرين، وعندما يأمر الله باتخاذ المؤمنين أولياء ويأمر بمناصرتهم فإنه ينهى عن اتخاذ الكفار أولياء: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران:٢٨] قال ابن جرير رحمه الله: "من اتخذ الكفار أعواناً وأنصاراً وظهوراً يواليهم على دينهم، ويظاهرهم على المسلمين فليس من الله في شيء".
أي: قد برئ من الله، وقد برئ الله منه.
وعندما يأمر الله بالتعاون مع المؤمنين، وأن يكون المؤمنون إخوة يشد بعضهم من أزر بعضٍ، ويركن بعضهم إلى بعض، فإنه ينهى عن الركون إلى الكفار، يقول سبحانه وتعالى: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [هود:١١٣]، والركون هو الاستناد والاعتماد والسكون إلى الشيء والرضا به، لا توادوهم ولا تطيعوهم ولا تميلوا إليهم، وهذه الآية دليلٌ على وجوب هجر أهل الكفر والمعصية والبدعة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة:٢٣] لو كان الأب أو الأخ أو القريب عدواً لله فإنه يجب عليك أن تتبرأ منه، وأن تعاديه في الله سبحانه وتعالى، والذي لا يفعل هذا الفعل فإنه ظالم لنفسه.
وموالاة الكفار وأعداء الدين من صفات المنافقين، قال الله سبحانه وتعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [النساء:١٣٨ - ١٣٩] يعز من يشاء ويذل من يشاء، وبماذا ذم الله الكفار من بني إسرائيل؟ لما قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ} [المائدة:٧٨] قال بعدها: {تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ} [المائدة:٨٠ - ٨١] قال ابن تيمية رحمه الله: "فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب أبداً".
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:٥١] (ومن يتولهم) يدخل فيها من دخل في دينهم بعد التزام الإسلام، فعندما نقول: من دخل في دينهم، قد يستبعد البعض اليوم أن يدخل مسلمٌ في دين النصارى، ولكن الواقع المؤسف أن كثيراً من المسلمين قد دخلوا في دين النصارى، وقد حدثني بعض الإخوان أن بعض النشرات التبشيرية التي تصل إلى بعض المسلمين عن طريق صناديق البريد قد حرفت بعض المسلمين من أصحاب أسماء الأسر الإسلامية إلى دين النصارى والعياذ بالله! ويدخل في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:٥١]، أي: ولاية التحالف والتناصر مثلما كان واقعاً قبل الهجرة بـ المدينة، فإنه كان بين بعض الأنصار الذين أسلموا بعد ذلك، وبين جماعاتٍ من اليهود أحلافٌ ومناصرات نتيجةً لتشابك المصالح والأواصر، فنهى الله عن ذلك، وفك جميع هذه الأحلاف والمناصرات، فقال: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة:٥١].