للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوقاية بالغض من البصر خير من العلاج]

ثم أيها الإخوة: إن الشارع قد منع إتيان أماكن الفساد والمحرمات بالإضافة إلى ذلك، وأمر بغض البصر عند دخول الأسواق وغيرها من المجامع التي فيها مظنة النظر إلى ما حرم الله أو شيء من انكشاف العورات.

ونحن اليوم ما أحوجنا إلى غض البصر أمام هذا الكم الهائل من الأجساد التي تعرت عما أوجب الله ستره، والتي كشفت بقصير أو ضيق أو شفاف أو برقع فاتن أو نقاب واسع أو عيون قد غشاها الكحل ونحو ذلك من وسائل الفتنة! ما أحوجنا إلى غض البصر في هذا العصر الذي شاعت فيه الصور في المجلات! ادخل أي مكان فيه مجلات فإذا نظرت إلى زخرفها هل تكاد ترى مجلة ليس على غلافها صورة امرأة؟ إنه أمر من الصعوبة بمكان، وهذه الدعاية التي تعرض فيها صور النساء للجذب بزعمهم حتى ولو لم يكن هناك علاقة بين المنتج والمرأة حتى في المبيدات الحشرية وغير ذلك، وقد بلغت بهم الدناءة أنهم يضعون صور الرجال في المنتجات الخاصة بالنساء عند الدعاية لها، وعكس ذلك أيضاً وصورة المرأة طاغية غالبة، وربما وقفت ساعات تتثاءب أمام سيارة ونحوها لعرض السيارات لابد من النساء.

وهكذا أيها المسلمون تقوم الدعاية المحرمة، أكثر من تسعين في المائة من أنواع الدعاية والإعلام في هذا الزمان محرمة، ومن أسباب التحريم غير الكذب والغش والتزوير أنهم يجعلون صور النساء فيها.

ما أحوجنا إلى غض البصر في هذا العصر الذي انتشرت فيه هذه الصور الفاتنة التي تنتقى فيها أجمل النساء للعرض وتوضع في المجلات والدعايات وهذه الأفلام والشاشات! ولذلك كانت فتاوى العلماء واضحة جداًَ في قضية النظر إلى صور النساء في المجلات أو الأفلام، ولو قال من قال: إن هذه الصور ليست حقيقية إنما هي صور ليست المرأة التي نراها تلمس أو يذهب معها، نقول: إن ذلك وسيلة للفتنة وثوران للشهوة، وقد أتى هذا الصحن الذي يلتقط الموجات ليكمل ما نقص من مسلسل إثارة الغرائز حتى صار الناس إلى الفساد جملة.

يا عباد الله! يا أمة الإسلام! يا أيها العقلاء! يا معشر المسلمين! يا أصحاب الغيرة! انظروا ماذا حصل في حالنا وكيف تبدلت الأمور، منذ سنتين كان يقال: في بيت فلان (دش) لقلته يشير الناس إلى بيته من بين البيوت في الحارة أو الشارع، الآن يدخل بعضهم إلى بيت أناس فيقول لهم: أنتم ما عندكم (دش) ما بعد اشتريتم (الدش)؟ مع أنه قبل فترة قصيرة كان نادراً وقليلاً، ولكن الآن صار من النقص في البيت ألا يكون فيه هذا الصحن، وصار أهل العمارة يشتركون في دفع المبالغ لشرائه، ويصطحب في المخيمات، وتجد صندقة من الصنادق التي يسكن فيها الفقراء (الدش) الذي فوقه أغلى منه، ماذا يعني ذلك؟ بيوت كالخرابات فيها هذه الصحون بأي شيء تأتي؟ إذاًَ: أيها المسلمون: اعلموا بأنه لما أمر الشارع بغض البصر كان حكيماً سبحانه وتعالى وهو يعلم ماذا سيخترع الناس وبأي شيء سيأتون.

عباد الله: لابد من إعادة النظر في البيوت، وإخراج المنكرات منها وسائر المحلات والمستشفيات والشركات.

وغض البصر أمر مهم جداً وإلا فالهلاك والدمار وشيوع الفاحشة والانحلال؛ هذه هي العاقبة التي لابد منها للمجتمع إذا انحرف عن شريعة الله.

وبعض الناس يستحي أن يغض البصر عندما يكلم امرأة أو ممرضة ويرى أن ذلك من العيب ألا ينظر إليها، ومن قلة الأدب ألا ينظر إليها وهو يكلمها، لو فرضنا أن الكلام للحاجة فأي حاجة في رفع البصر إليها، وهل قلة الأدب إلا في النظر إلى المرأة المتبرجة، وُوضعت الأحاديث منذ القديم: ثلاثة يجلون البصر: الماء والخضرة والشكل الحسن، فإذا قصد به النظر إلى الصورة الجميلة المحرمة فلا شك أنه حرام يستدل به الذين لا أدب عندهم اليوم في المجالس يتسكعون وينقلونه ويقولونه نسأل الله السلامة والعافية.

اللهم حصن فروجنا وطهر قلوبنا وارزقنا غض الأبصار والبعد عن الحرام، أغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك إنك على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه الغفور الرحيم.