هذا الحديث -أيها الإخوة- من أجمل القصص التي يمكن أن يسمع بها إنسان، الذي رواها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي المصدق عن ربه عز وجل، هذه القصة رواها بالإضافة للإمام مسلم الإمام أحمد والنسائي، وكذلك رواها الترمذي، ولكن رواية الترمذي فيها اختلاف عن هذا السياق الذي سقناه، قال ابن كثير رحمه الله عن سياق الترمذي: وهذا السياق ليس فيه صراحة أن هذه القصة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، سياق الترمذي ليس سياق مسلم الذي ذكرناه، قال شيخنا أبو الحجاج المزي: فيحتمل أن يكون من كلام صهيب الرومي، فإنه كان عنده علمٌ من أخبار النصارى انتهى.
قال الحافظ في الفتح: صرح برفع القصة بطولها حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب ومن طريقه أخرجها مسلم والنسائي وأحمد، إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ووقفها معمر عن ثابت، على صهيب، ومن طريقه أخرجها الترمذي، فهذا السياق -سياق الإمام مسلم - الذي ذكرناه سنعتمد عليه في شرح القصة، وسنأخذ من سياق الترمذي ما يكون فيه زيادة تفاصيل بحيث لا تكون تتعارض مع نفس القصة، لأن القصة التي نشرحها الآن رواية مسلم هي المرفوعة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهي المعتمدة.
أيها الإخوة! لو أنا أوكلنا كتابة مثل هذه القصة إلى أعظم روائي في العالم فهل يا ترى سيكتب لنا قصة مثل هذه في جمالها ودقتها، وعظم الفوائد المحتوية عليها، ومدى تأثيرها في النفس؟ لا يستطيع أحد مطلقاً، لا يمكن أن يأتي بشر بأجمل مما رواه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذه القصص -أيها الإخوة- ليست قصص حكايات، ليست روايات تسلية، هذه قصة مجتمع بأسره، مجتمع حي كان في فترة من الزمان موجوداً على ظهر الأرض.
يا إخواني! ابتلينا في هذه الأيام بروايات سخيفة وقصص ماجنة، يُقبل عليها الكبار والصغار، يقرءون قصصاً، وفيها فسادٌ عظيم، وفي بعضها خرافات وشعوذات تفسد واقعية الأطفال، لذلك كان مما يُنصح به لكل أب لديه طفل، لكل أخ أو أخت لديه أخ أصغر منه أن يقرأ عليه هذه القصة حتى قبل أن ينام، حتى لو قبل النوم يقرؤها عليه، أو أن يجزئها له.