أراد نور الدين رحمه الله إسقاط الخلافة الباطنية، كما زعموا أنها خلافة، وعينوا لها خلفاء باطنيين في مصر، فأراد نور الدين ضمها إلى نفوذ أهل السنة والجماعة مرة أخرى، واستغل نور الدين خلافاً حصل بين وزيرين من الدولة الفاطمية، فأرسل أسد الدين مع ابن أخيه صلاح الدين في جيش إلى مصر، ثم عاد إليها مرة أخرى في عام (٥٦٢هـ) ومعه ولد أخيه صلاح الدين أيضاً، وحصلت معركة مهمة بين شاور الخائن والصليبيين من جهة، وشاور من الباطنيين في مصر الذي استنجد بالصليبيين، حيث حدثت معركة بينه وبين الصليبيين من جهة، ومع جيش أهل السنة بقيادة أسد الدين شيركوه وصلاح الدين من جهة أخرى، وانتهت المعركة بانتصار أهل السنة بقيادة أسد الدين شيركوه، وخرج أسد الدين من مصر ليعود إليها ويصبح وزيراً للخليفة الفاطمي الذي لم يبق له تقريباً إلا مجرد اسم، وقتل الخائن شاور عام (٥٦٤هـ)، وشاء الله أن يموت أسد الدين شيركوه في عام (٥٦٤هـ) ليتولى بعده صلاح الدين الوزارة، وظن الخليفة الفاطمي أن صغر سن صلاح الدين كم كان عمره ذلك الوقت؟ تولى عام (٥٦٤هـ) وكان عمره في ذلك الوقت [٣٢] سنة، ولكن صلاح الدين خيب ظن ذلك الخليفة الفاطمي الباطني، وقام بإصلاحات كثيرة جداً، منها: إلغاء ضرائب الفاطميين، وبذل الأموال للناس في أوقات الشدة حتى أحبوه، وصدَّ غارات شنها الصليبيون على دمياط عام (٥٥٥هـ] وأسس المدارس، وحصن المدن والموانئ والثغور المصرية، وبنى قلعة المقطم المشهورة، واكتشف خيانة من الفاطميين فتخلص منها، وبدأ بمشروع مهم جداً وهو عزل قضاة مصر الباطنيين الفاطميين وتولية قضاة بدلاً منهم من أهل السنة والجماعة، وألغى (حي على خير العمل) من الأذان التي اخترعها أولئك الباطنيون في مصر ومسجد الأزهر الذي بناه الباطنيون الكفرة الذي يعتقد كثير من المسلمين أن جوهر الصقلي بطل إسلامي، مع أنه زنديق ملحد من هؤلاء الباطنيين، ولكن الله رد كيدهم في نحورهم، فكان ذلك المسجد منارة لـ أهل السنة في مصر كما طهره صلاح الدين رحمه الله تعالى.
وتمكن صلاح الدين رحمه الله بحنكته وحماسه وإخلاصه من إلغاء الخلافة الباطنية الفاطمية في مصر في أول جمعة من محرم عام (٥٦٧هـ) وصار الخطباء في يوم الجمعة يدعون للخليفة العباسي على المنابر، وتوفي آخر خليفة باطني في (العاشر من محرم) من هذه السنة دون أن يعلم بأن دولته قد سقطت؛ لأن صلاح الدين أخفى ذلك عنه، ثم قام الباطنيون بتدبير عدة محاولات لاغتيال هذا القائد المسلم صلاح الدين رحمه الله بعد هذه الإصلاحات العديدة، منها: مؤامرة عمارة اليمني وعبد الصمد الكاتب وداعي الدعاة في عام (٥٦٩هـ)، واتصلوا بالإسماعيليين لاغتيال صلاح الدين؛ وكان الإسماعيليون مسرورين بتدبير محاولة الاغتيال، فاتصلوا بهم من مصر واتصلوا بالصليبيين لغزو مصر، وإشعال الفتنة من الداخل، وكان حول صلاح الدين أناس مخلصون يقظون، فكان أحد رجال صلاح الدين داخلاً في بطن هذه المؤامرة ليستكشف أحوالها، فأحبطت قبل أن تنفذ، وصلب زعماءهم، وعرف الصليبيون اكتشاف المؤامرة فرجعوا مدحورين، وجرت معارك في البر والبحر بين صلاح الدين وملك صقلية في أواخر عام (٥٦٩هـ) انتهت بانتصار صلاح الدين.