قال الطرطوشي: لا طاعة لهما في ترك سنة راتبة، وترك ركعتي الفجر والوتر إذا سألاه ذلك على الدوام.
أما فعل المشتبهات، فقد يكون أبوه عنده كسب فيه شبهة، والابن يأكل منه، فقد قال العلماء: الأولى أن يتورع ويداريهما، فإن أكل أو أخذ فلا حرج عليه إن شاء الله.
فإن كان تركه لأكل الطعام، وتركه لأخذ المال مؤثراً فيهم، -يعني: الأب كسبه مشبوه، والابن لو امتنع لتأثر الأب وترك الكسب المشبوه- يجب على الابن الامتناع والترك حتى يجعل الأب يترك المشبوه، لكن لو كان لا يترك ويأمر ولده بالأكل، قال بعض العلماء: يأكل.
الآن المشبوه ممكن ينتج من اختلاط الحلال بالحرام، أبوه يضع الأموال في البنك ويأخذ ربا ويخلطها بالإيجارات تبع العقارات، فدخل أبيه فيه الحلال والحرام متداخل، والآن يعطيه نفقة، ويعطيه مال من هذا ويقول: كل من طعامي هذا.
فماذا يفعل؟ قال بعض العلماء: لا يجوز، وقال بعضهم: إذا زاد الحرام على الثلث لا يجوز، وقال بعضهم: إن كان الأكثر الحرام لا يجوز.
وقال بعضهم: جائز مطلقاً ولعله هو الأقوى في المذهب، لكن يكره، وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته.
وهذه المسألة الإمام أحمد رحمه الله تردد فيها، ورفض أن يفتي وقال: ما أحسن أن يداريهم، يعني: ما يأكل ويحاول أن يداريهم، قال السفاريني رحمه الله: والذي استقر عليه المذهب عدم الحرمة، بل يكره ذلك، يقول: الكسب المختلط من الحلال والحرام الذي استقر عليه المذهب عدم الحرمة، بل يكره ذلك، وقوة الكراهة فيه وضعفها بحسب كثرة الحرام أو قلته.
وإذا كان الولد له كسب مستقل فليأكل من كسبه، وإذا كان لا كسب له فليأكل من كسب أبيه.
لكن إذا كان كسب الأب كله حرام؟ وكان الولد محتاجاً وليس له نفقة إلا من مال أبيه، فإنه يأخذ وليس عليه إثم، لكن لا يتوسع كما قال علماؤنا، بل يأخذ الكفاية فقط، وإذا علم الحرام بعينه يجتنبه ويأخذ من الآخر، قد يقول لك: أخذته رشوة من الحرام، ويقول: خذ يا ولد المصروف فالابن إذا عرف أن هذا بعينه الحرام لا يأخذه، بل يأخذ من مالٍ آخر.