وكذلك من شروط إجابة الدعوة ألا يكون هناك منكر في الدعوة، فلو كان هناك منكر فلا يجب الحضور، بل لا يجوز، كما إذا كان هناك مائدة يُدار عليها الخمر، لقوله صلى الله عليه وسلم:(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها الخمر) رواه الترمذي وحسنه.
والمنكرات كثيرة في الولائم؛ مثل الملاهي المحرمة -المعازف- كالطبل والعود والطنبور والربابة والمزمار وغير ذلك من آلات المعازف، ومن الآلات الحديثة الأورج والبيانو وغيرها، فوجودها يسقط الوجوب، فمادام في الوليمة منكر سقط الوجوب، ما عاد للمجلس حرمة ولا وجوب لإجابة الدعوة، كذلك لو وضع في المجلس سجاجيد من الحرير، ومعروف أن افتراش الحرير لا يجوز، والجلوس عليه لا يجوز، أو فيه أشياء مأخوذة من مساجد أو مدارس لا يجوز له أخذها، أو أن يكون هناك مغنٍ أو مطرب أو مغنية أو مطربة، أو أن يكون هناك مطعوم محرم، أو مشروب محرم كالخمر كما تقدم، أو صور ذوات الأرواح على الجدران والسقوف والثياب، كما يفعل ذلك كثيرٌ من اللاهين العابثين.
وهذه الأشياء المنقوشة والمصورة والمطبوعة والمنحوتة، إذا كانت من ذوات الأرواح، فهي تسقط وجوب إجابة الدعوة، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يدخل البيت لما رأى في الستر صورة من صور ذوات الأرواح، كذلك ستر الجدران واستعمال الحرير، فقد ورد أن صحابياً لم يدخل البيت وقد ستروا جداره بديباجٍ أخضر، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله في الحديث الصحيح:(إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة واللبن) وقال ابن عباس: لا تستر الجدران بالثياب، فبعضهم اعتبر أن ستر الجدران وتغطيتها بالقماش ونحوه مما يسقط الوجوب.
أما لو كان هناك أشياء جائزة كصور لغير ذوات الأرواح، من الأشجار مثلاً ونحوها، فإن ذلك لا يسقط الوجوب، أو لُعب البنات إن كانت في البيت فإنها لا تسقط الوجوب، لأن اتخاذ لُعب البنات من الصُوف أو العِهْن جائز، وقالوا: إذا كانت صور ذوات الأرواح على الفراش الذي يوطأ ويهان ويداس عليه فإنه يجوز، وقال بعض أهل العلم: لا يجوز حتى يقطع ويُغير.
وكذلك لو كان هناك مثلاً في الوليمة ملاعق من ذهب أو فضة، أو آنية ذهب أو فضة عموماً، فإن ذلك من أسباب إسقاط الوجوب، وكذلك لو كان المجلس فيه كذب وفحش مما هو منكر، وعلى رأس ذلك الاستهزاء بالدين، فيجب الخروج حينئذ، ولا يجوز الحضور.