للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لماذا لا نستفيد من قدرات الجن؟]

فإن قال قائل: ما دام الجن عندهم قدرات، فلماذا لا نستعملهم في فك السحر، وعلاج المصروع، والبحث عن المفقودات، والسيارة المسروقة ونحو ذلك، فنقول: لا يجوز الذهاب إلى هؤلاء الكهنة أو المشعوذين أو الدجالين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم علينا الذهاب إليهم: (من أتى عرافاً فسأله فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) و (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) فنحن ممنوعون من الذهاب إليهم، حتى لا يستحوذوا علينا ولا يوقعونا في الشرك، والشارع أعلم فلما نهانا عن الذهاب يجب علينا أن ننتهي.

ثانياً: ما يدريك بأن العلاقة بين هذا الإنسي والجني علاقة شرعية أليس في الغالب أنها علاقة شركية؟ وأنه يأمره بالشرك؟ ذكر شيخ الإسلام رحمه الله قال: كان أحد هؤلاء الذين يتعاونون مع الشياطين على فراش الموت فقال لولده: إن شيطاناً كان يطير بي إلى كذا وكذا، فإذا متُّ سيأتيك على هيئة جمل فاركب عليه، فلما مات أبوه جاءه على هيئة جمل فركب عليه فلما صار في منتصف الطريق قال: إن أباك كان يسجد لي، فرفض الولد أن يسجد له فألقاه في الصحراء، فإذاً يأمرونهم بالشرك، وبينا صوراً من ذلك في الخطبة الماضية.

ثالثاً: ما يدريك أن هذا الجني المطلوب الاستعانة به مشرك وكافر والله قال عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} [الجن:١٤] وكذلك قال: {كُنَّا طَرَائِقَ قِدَداً} [الجن:١١] قال المفسرون فمنهم المسلم واليهودي والنصراني والسني والبدعي، وأهل الأهواء موجودون عندهم، فما أدرانا أن هذا الجني صالح مستقيم الدين والعقيدة حتى يجوز لنا أن نتعامل معه، خصوصاً وأن القضية من عالم الغيب؟! إذاً إثبات أن هذا الإنسي صالح وأن الجني الذي يتعامل معه صالح، وأن التعامل مباح، والوسيلة مباحة أمرٌ صعبٌ جداً لا يكاد يثبت، فكيف بعد ذلك يفتح الباب على مصراعيه ونقول: عنده جن يستعملها في المباحات، ولو فرضنا وجد شيء فهو نادر جداً جداً، ولا يجوز التوسع فيه على الإطلاق.

قال شيخ الإسلام: والشيطان وإن أعان إنساناً على مقاصده فإنه يضره أضعاف ما ينفعه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأن يعيذنا من شر شياطين الإنس والجن أجمعين، وأن يحفظنا وأهلينا من كل سوء إنه هو خيرٌ حافظاً وهو أرحم الراحمين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.