لا بد أن نقول أيها الإخوة: إن صلاح الدين رحمه الله كان يتمتع بأخلاقيات عالية جداً، فكم عفا عن أناس! وكم أعطى! وكم ترك أناساً يخرجون ولم ينتقم منهم كما فعلوا هم بالمسلمين من قبل! حتى أن بعض المستشرقين اضطروا إلى الاعتراف بمنة صلاح الدين في الكتب التي ألفت حديثاً، والمقارنة بين معاملة صلاح الدين ومعاملة غيره.
ومن القصص المشهورة التي تروى عن صلاح الدين في رحمته: أن بعض المسلمين لما دخلوا خيام العدو ليسرقوا رجالاً بعضهم سرق طفلاً رضيعاً له ثلاثة أشهر وأتوا به إلى خيمة السلطان، ثم ذهبوا به وباعوه، ولما فقدته أمه وهي في معسكر النصارى باتت مستغيثة بالويل والثبور طيلة تلك الليلة حتى وصل خبرها إلى ملوك النصارى؛ فأشفقوا عليها، وقالوا: اذهبي إلى صلاح الدين إنه رحيم القلب، قد أذنا لكِ بالخروج فاطلبيه منه فإنه يرده عليك، كيف عرفوا إلا من خلال معايشتهم لهذا القائد المظفر رحمه الله تعالى! وفعلاً فهذا ما حصل؛ ذهبت المرأة إلى صلاح الدين وأتى بترجمان يترجم بينها وبينه، فلما عرف وبكت أمامه بكاءً شديداً، وعرف قصتها رق لها ودمعت عينه، وأمر بإحضار الرضيع فوجدوه قد بيع، فاشتراه صلاح الدين من ماله ودفعه إليها، فبكت بكاءً وضمته إلى صدرها والناس ينظرون ويبكون، ثم حملت على فرس وألحقت بعسكرها هي وطفلها.