وكذلك من أحكام الصدقة أنه لا يحل لأحد أن يرجع فيها؛ فقد جاء عن عمر بن الخطاب قال:(حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده) أي: أعطيت واحداً فرساً في سبيل الله، صدقة خرجت مني، هذا الذي أخذه ما رعاه حق رعايته، أهمله، فربما أصابه الهزال والضعف.
(فأردت أن أشتريه) أي: أشفق على الفرس، وقال: أشتريه من صاحبه، وأعود أغذيه، وأعتني به.
فسألت عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(لا تشتره وإن أعطاكه بدرهمٍ واحد؛ فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في القيء).
إذاً: الإنسان لا يجوز له أن يعود في الصدقة أبداً، لا يقول: يا فلان! حصل خطأ؛ أعطينا المال يا فلان! ندمنا، هات الصدقة التي أعطيناك إياها، لا يجوز أن يسترجعها ولو بالشراء، لكن لو أنك أهديت إنساناً، تصدقت على فقيرٍ بشاه حلوب، وهذا الفقير حلب لك وأهدى لك منها إناءً من لبن، فيجوز لك أن تشربه؛ لأنها قد جاءتك الآن هدية فلا بأس بأخذها، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يأكل الصدقة، ولا يجوز له ذلك، فلما تصدق على بريرة صدقة، أهدت بريرة منها لبيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(هو لها صدقة ولنا هدية) إذاً: يجوز عند ذلك الأكل منها.