للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقوق الابن قبل ولادته]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المشاهدون الكرام! أينما كنتم وحيثما كنتم؛ أحييكم بتحية الإسلام، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

وأهلاً ومرحباً بكم معنا إلى لقاءٍ جديد من برنامجكم دين ودنيا.

الذرية بلا شك عزيزة غالية، فهي قطع الأكباد وثمار القلوب، وعماد الظهور وقرة العيون وزينة الحياة، ثم هي بعد ذلك أمانة من الله سامية يضعها بين أيدي العباد ليرعوها حق رعايتها، ويصونها حق صيانتها، ولكن الآباء في العهود الأخيرة أهملوا أبناءهم إهمالاً شنيعاً، لا نقول: أهملوهم في الطعام والثياب والفراش والسكن، فذلك قدر من العيش ميسور للناس مع اختلاف في الأحوال والأشكال، ولكنهم أهملوهم فيما هو أهم وأعظم وأخطر وأكبر؛ أهملوهم في تقويم نفوسهم وتطهير أرواحهم وتدعيم أخلاقهم، في تنشئتهم على الدين والعبادة، وفي ضرب القدوة الصالحة لهم، وفي تحديد الطريق المستقيم أمامهم، ومن هنا خرج الأولاد بلا هدفٍ ولا إيمان، وبلا رصيد من عزيمةٍ أو أخلاق، فتفرقت بهم السبل وتوزعتهم الأهواء، وتقسمتهم الأخطاء وعاشوا في دنياهم بأفئدة هواء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦].

أيها الإخوة! كم يطيب لنا وكم يسرنا أن يكون معنا في هذه الحلقة أو الندوة المباركة صاحب الفضيلة الشيخ/ محمد بن صالح المنجد إمام وخطيب جامع عمر بن عبد العزيز بـ الخبر نتلقى اتصالاتكم ورسائلكم عبر هاتف البرنامج وناسوخه، والذي يظهر بين الفينة والأخرى، وأذكر هنا برقم الناسوخ (٤٤٢٥٠١٦).

أرحب بك صاحب الفضيلة فمرحباً بك في برنامج دين ودنيا.

الشيخ: حياكم الله، أهلاً وسهلاً.

المقدم: بارك الله فيك.

الشيخ: الله يحييك.

المقدم: أقول: من ثمرات الزواج إنجاب الأولاد، والذين هم -أعني: الأولاد- قبل ذلك نعمة من الله سبحانه وتعالى يمن بها على من يشاء من عباده، يقول الله عز وجل: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً ...) [الكهف:٤٦] أقول: ولا ريب أن هذه النعمة إنما تثمر ثمرتها، وتؤتي أكلها بإذن ربها متى ما قام الآباء بالحقوق الواجبة تجاه أبنائهم، فهل لنا صاحب الفضيلة أن نتعرض على طبيعة تلك الحقوق، مثلاً: حقوق الأولاد عند الولادة كيف تكون حقوقهم؟ الشيخ: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على محمد بن عبد الله خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أيها الإخوة والأخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأحييكم في هذه الحلقة، وأسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً الإخلاص والعلم النافع والعمل الصالح.

وقد سبق الحديث عن حقوق الوالدين ونتحدث -أيضاً- عن حقوق الأولاد كما تفضل أخي حفظه الله، وحق الولد على أبيه حقٌ عظيم وعندما نقول: الولد، فإنه يشمل الذكر والأنثى، إنه حقٌ من قبل الولادة بل من قبل الزواج عندما يختار له أمه التي ستربيه: (فاظفر بذات الدين تربت يداك) (تزوجوا الودود الولود) ودعاء: {رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران:٣٨] وعند إتيان الزوجة يسمي الله سبحانه وتعالى، الولد له حق في الحياة فهو يخرج من بطن أمه ولذلك لا يجوز إسقاطه ولا قتله، لا قبل الولادة ولا بعد الولادة {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الإسراء:٣١] أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك من أكبر الكبائر: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:٨ - ٩] الجاهلية التي كانت تأخذ الأم عند الولادة إلى حفرة فالقابلة تستلم المولود، فإن كان ذكراً أبقوه وإن كانت أنثى طموا عليها التراب، عوضتنا الشريعة بشيء عظيم في استقبال البنات: (من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جزته -أي: من غناه وماله- كن له حجاباً يوم القيامة من النار).

من حقوق الولد في بطن أمه أنه لا يجوز للحامل أن تتناول أي شيء يضعفه أو يشوهه، بل ينبغي أن تتقوى لتغذيته.

هذه المرأة التي أتي بها لما ثبت عليها الزنا لترجم، النبي عليه الصلاة والسلام لأجل حق الولد أبقاها ولم يرجمها حتى تضع، ثم حتى ترضع، وحتى فطمته، وفي يده كسرة خبز، ثم بعد ذلك كان الرجم، هذا الجنين إذا سقط له دية عند الاعتداء عليه.

هذه الزوجة التي ينبغي أن تراعى عند الحمل لأجل المولود، فعليك -يا أيها الزوج- بمراعاتها عند الوحام وغيره، إنها قضية مهمة، النسب من حقوق الولد.

إن إثبات النسب حقٌ لله، وحقٌ للطفل وللأب والأم، هذا النسب الذي يصونه عن الضياع والتشرد، الولاية، الإرث في الصغر، له حقوق كثيرة بسبب النسب، فلا يجوز لأب مسلم أن ينفي ولده دون بينة.

من الأمثال القبيحة التي توجد عند بعض العامة أن يقول: هذا ولدي إن صدقت أمه.

ما هذا الكلام؟ كذلك لا يجوز للإنسان أن يدعي من ليس ولداً له ويضيفه إلى نسبه، ثم يستقبل المولود استقبالاً كريماً بالبشارة وكذلك يؤذن في أذنه اليمنى، فيسمع الولد شهادة التوحيد، يحنك بالتمر المعجون، يحلق رأسه، يدهن بالزعفران.