ما هي العلامات التي يعرف بها العبد أنه مخلص؟ إذا كان يراقب الله في أعماله، ويحتسب الأجر في أفعاله وأقواله، ويعمل بعلمه، وينصر سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ويقمع البدعة، ويحلي باطنه، ويزكي نفسه، ويحس بقربه من الله، وأن قلبه منير، فعند ذلك هو إذاً من المخلصين.
كان الصالحون يدخرون أعمالاً معينة عظيمة لآخرتهم، يقول ابن كثير رحمه الله عن السلطان عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب ملك دمشق والشام، يقول: لما توفي أبوه كان شجاعاً باسلاً عالماً فاضلاً، هذا الرجل تولى بعد أبيه، وكان شجاعاً باسلاً عالماً فاضلاً، اشتغل بالفقه على مذهب أبي حنيفة، وفي اللغة والنحو على التاج الكندي، وكان قد أمر أن يُجمع له كتاب في اللغة يشمل الصحاح للجوهري والجمهرة لـ ابن جريج والتهذيب للأزهري، وأمر أن يرتب له مسند الإمام أحمد، وكان يحب العلماء ويكرمهم ويجتهد في متابعة الخير، ويقول: أنا على عقيدة الطحاوي، وأوصى عند وفاته ألا يكفن إلا في البياض، وأن يلحد له، ولا يبنى عليه، وكان يقول: واقعة دمياط أدخرها عند الله تعالى، وأرجو أن يرحمني بها، يعني: أنه أبلى بها بلاءً حسناً رحمه الله تعالى، وقد جُمع له بين الشجاعة والبراعة والعلم ومحبة أهله.
فالإنسان وكل واحد منا يحاول أن يعمل أعمالاً صالحةً يدخرها عند الله، هذه لآخرتي، هذه ليوم العطش الأكبر، هذه ليوم الخوف الأعظم، يعمل الصالحات ويدخرها للآخرة، اعمل وخبئ وادخر لذلك اليوم.