وكان ابن فتحون من أشجع المسلمين وكان المستعين يرى له ذلك المكان ويعظمه لشجاعته، حتى عرفت النصرانية بأسرها مكانته حتى أن النصراني كان إذا سقى فرسه فلم يشرب يقول له أصحابه النصارى: ما بك اشرب لماذا تخاف؟ اشرب أو رأيت ابن فتحون في الماء؟ فكان يضرب به المثل، فيخافه الأعداء، فغزا المستعين بلاد الروم، وتوافق المسلمون والمشركون صفوفه، فبرز علجٌ وسط الميدان ينادي هل من مبارز، فخرج إليه فارسٌ من المسلمين فتجاولا ساعةً فقتل المسلم؛ فصاح الكفار سروراً، وانكسرت نفوس المسلمين، ثم برز له آخر فقتل المسلم فجعل الرومي يكر بين الصفين ويقول: هل من مبارز واحد لاثنين؟! واحد لثلاثة؟! فضج المسلمون، فقيل للمستعين ما له إلا ابن فتحون، فدعاه وقال: ما ترى يصنع هذا العلج، قال: هو بعيني، قال: فما الحيلة فيه؟ قال أبو الوليد ابن فتحون: ماذا تريد؟ قال: أن يكفى المسلمون شره قال: الساعة يكون ذلك إن شاء الله، فلبس قميص كتان واسع الأكمام، وركب فرساً بلا سلاح، وأخذ بيده سوطاً طويل الطرف، وفي طرفه عقدة معقودة، ثم برز إليه، فعجب النصراني منه يخرج إليه دون سلاح ومعه هذا السوط فقط، فحمل كل منهما على صاحبه، فلم تخطِ طعنة النصراني سرج ابن فتحون، فتعلق ابن فتحون برقبة فرسه لما قطع سرجه، ونزل إلى الأرض ثم استوى على سرجه، وحمل على النصراني فضربه بالسوط على عنقه فالتوى السوط على عنق النصراني، فأخذه بيده فاقتلعه وجاء به إلى المستعين، فألقاه بين يديه.