قال النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء أهل الصفة كلهم وجلسوا:(يا أبا هر! خذ فأعطهم) خذ القدح الذي فيه اللبن وأعطهم (فجعلت أعطي الرجل فيشرب حتى يروى من إناء اللبن، ثم يرد عليّ القدح فأعطيه الرجل -أي: الذي إلى جانبه- فيشرب حتى يروى) وهكذا واحد وراء الآخر يشربون من القدح نفسه، حتى انتهوا كلهم حتى روي القوم جميعاً، (حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعدما شرب القوم كلهم من الإناء) وهذا معجزة من معجزات النبي عليه الصلاة والسلام، بركة تكثير الطعام والشراب للنبي عليه الصلاة والسلام، بقي النبي عليه الصلاة والسلام، (أعطيته القدح، فأخذ القدح وقد بقيت منه فضلة) أي: هو نقص لكن بقيت منه فضلة ما انتهى، (فأخذ القدح فوضعه على يده صلى الله عليه وسلم، فنظر إليّ فتبسم) كأنه يقول: يا أبا هريرة! أظننت في نفسك ألا يبقى منه شيء؟ انظر لقد بقي منه، هذا معنى الابتسامة، (فوضعه على يده، فنظر إليّ فتبسم، فقال: أبا هر! فقلت: لبيك يا رسول الله! قال: بقيت أنا وأنت، قلت: صدقت يا رسول الله! قال: اقعد فاشرب، فقعدت فشربت، فقال: اشرب فشربت، فما زال يقول: اشرب حتى قلت: والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً، قال: فأرني، فأعطيته القدح فحمد الله -أي: على البركة التي حصلت ووقعت في اللبن مع قلته وكثرة القوم- وسمى وشرب الفضلة) أي: شرب البقية.