سابعاً: ومن مكايد الشيطان ومصايد عدو الله التي كاد بها من قل نصيبه من العلم والعقل والدين، وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين، سماع المكاء والتصدية والغناء بالآلات المحرمة، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى كلاماً مهماً جداً في هذا الموضوع، وأبلغ في العبارة غاية البلاغة، حتى إنني لأقول: لعله أي: ابن القيم من أعدى أعداء الشيطان من علماء المسلمين، فإنه قد بين وفصل في كتبه رحمه الله من وسائل الشيطان في الكيد والإضلال وخداع البشر، وبيَّن طريقة المواجهة وكيفية صد هذه الغارات الشيطانية ما نرجو به عند الله أجراً عظيماً ومثوبة جليلة، على ما بين ونفع، وخصوصاً في كتابه العظيم الذي ننقل منه أطرافاً بالنص إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، وهذا الكتاب العظيم يصد كثير من الناس عن قراءته لطوله، وتفرع ابن القيم رحمه الله في ذكر مباحث يتوسع فيها في هذا الكتاب، بحيث قد يمل القارئ من القراءة فيها، كأبواب الحيل والطلاق بالثلاث وهكذا مسائل الطلاق بالثلاث حتى إن الشخص الذي ليس عنده رسوخ قدمٍ في العلم يمل من القراءة إذا وصل إلى استطراد معين، فتفوته أشياء كثيرة جداً من الأشياء الموجودة في هذا الكتاب.
ولذلك أنصح من يتعرض للقراءة فيه أنه إذا وصل إلى مبحث طويل فيه أحكام فقهية وتفصيلية كثيرة مثلاً، ليتجاوز ذلك إلى الموضع الذي يرى أن نفسه يسهل عليها القراءة فيه، فيحصل شيئاً كثيراً من الخير في هذا الكتاب العظيم.
لقد خدع إبليس بعض العباد والزهاد في الماضي من المتصوفة بقضية الغناء، ولا زال خداعه سارياً في أجيال من البشر في هذه القرن ممن وصل إلى قناعة شيطانية بأن الغناء من العبادة، وأن بعض أصحاب الطرق الصوفية كما هم موجودون الآن بكثرة ولكن قد لا نشاهدهم في هذه البلاد، ولكنهم يشاهدون في أقطار إسلامية بكثرة، والذي يكون من تلك الأقطار أو يتجول فيها يعرف ذلك جيداً، يعملون حلق السماع فيها موسيقى وفيها أشعار وطرب، يقولون: إن هذا ذكر، وعند بعض الناس الذين يقيمون الموالد النبوية بزعمهم أشياء من هذا القبيل، طرب وألحان يتقربون بها إلى الله.