ولذلك كان نوح عليه السلام في غاية الحرص على دعوة قومه:{فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً}[العنكبوت:١٤] يدعوهم إلى الله من غير فتور ولا توانٍ مستخدماً بجميع الأساليب الممكنة: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً}[نوح:٥ - ٧] هل صده ذلك عن الدعوة؟ هل منعه إعراض المعرضين عن الاستمرار في العمل؟ كلا والله قال الله:{ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً}[نوح:٨ - ٩] فنوع أساليب الدعوة، ودعاهم بالليل والنهار، ودعاهم جهرة ثم أسر لهم سراً، وجمع لهم بين الأسلوبين في غاية الجد والنصح وتبليغ الرسالة.