قام أبو المعالي يتبنى عقيدة نفي العلو وسئل عن:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥] وبدأ يتخبط في الكلام وينفي الاستواء وينفي علو الله على الخلق، ويقولون: الله في كل مكان مع أن الله في السماء في العلو، واستوى على العرش، والعرش فوق العالم وفوق السماوات، والله فوق العرش لحديث الجارية:(أين الله؟ قالت: في السماء قال: إنها مؤمنة).
فهذا الرجل بدأ يتخبط في الكلام أمام الناس، فقام له رجل من أتباع عقيدة السلف يقال له: أبو جعفر بن أبي علي الهمداني، قال: يا إمام رويدك، الآن عندي شيء أريد أن تجيبني عنه: ما ضرورةٌ يجدها الواحد منا في نفسه إذا رفع يديه يقول: يا رب، أن يتجه بنفسه إلى العلو؟ لماذا الواحد لا يضع الكفينعلى اليمين، أو على اليسار ويقول: يا رب؟ لماذا الناس ترفع أكفها وتقول: يا رب، ونفس الداعي والمصلي والطفل والمرأة والكبير والصغير والعالم وغيره كلهم إذا دعوا الله بالاضطرار يرفعون إليه أيديهم، نبئنا نتخلص من الفوق والتحت.
فضرب الأستاذ بكمه على السرير وصاح: نجلس نجلس الكرسي، وقال: يا للحيرة، خرت الأوراق وقامت القيامة في المسجد ونزل ولم يجبني، وقال: الحيرة الحيرة الدهشة الدهشة.
بعد ذلك قال: حيرني الهمداني، لأن الاتجاه إلى الله من جهة العلو بالفطرة، ماذا نجيب عن هذا؟ شيء فطري في نفوس الناس حتى الكفار، وهذا فرعون لما جاء يزعم أنه إله، ما قال لهامان: احفر لي نفقاً، إنما قال: ابن لي سلماً {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى}[غافر:٣٦ - ٣٧] حتى فرعون لما ذهب يبحث عن الله بزعمه اتجه إلى جهة العلو.