للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطبري اسمه وكنيته ونسبه ومولده]

هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري رحمه الله تعالى يكنى بـ أبي جعفر، وعرف بذلك واتفق المؤرخون عليه مع أنه لم يكن له ولد يسمى بجعفر، بل إنه لم يتزوج أصلاً، ولكنه تكنى التزاماً بآداب الشرع الحنيف، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يطلق الكنى على أصحابه، وكان يكني الصغار، ويقول: (يا أبا عمير ما فعل النغير) ونحوها، وذلك لإشاعة روح المسئولية والتحمل عند الصغير والشعور بشعور الكبير، وهذا لا شك أنه يساعد في نضج الطفل ونموه، ونقله من عالم الطفولة إلى عالم الرجولة، ولعله يكون لنا وقفة في عدم زواج ابن جرير رحمه الله.

وأما نسبه إلى طبرستان فإنه لا خلاف فيه أيضاً عند المؤرخين، وطبرستان ولاية كبيرة في بلاد فارس تقع بين جرجان والديلم على بحر قزوين وتظم قرى كثيرة، ومن قرى طبرستان قرية آمل التي ولد بها أبو جعفر الطبري رحمه الله، ولذلك أحياناً يقال في نسبه: الآملي نسبة إلى آمل البلد التي تقع مدينة في طبرستان.

وأيضاً ينسب إلى بغداد، فيقال: البغدادي؛ لأنه سكن بغداد واستوطن بها، ونشر فيها علمه.

وإذا قيل: هل أبو جعفر الطبري عربي أم لا؟ بعض المؤرخين ذكر أنه عربي، وبعضهم ذكر أنه ليس بعربي، وقد سكن بلاد الفرس -بلاد الأعاجم- قبائل من العرب بعد الفتوحات الإسلامية، سكنت بأكملها في خراسان ونيسابور وطبرستان، يتكلمون الأعجمية، ولكن أصولهم عربية نتيجة أن القبائل العربية نزحت أو ذهبت واستقرت في تلك البلدان، وكان هذا لعله من خطط الخلفاء الراشدين في نشر الإسلام في تلك الأصقاع، وأن يوجد هناك مجموعة من العرب المسلمين، وقد حمل العرب الإسلام في البداية ونشروه، فلا عز لهم إلا به.

فمهما قيل عن الطبري رحمه الله هل هو عربي أو ليس بعربي فالمسألة: (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى) فـ الطبري رحمه الله عربي اللسان، عربي العلم من جهة اللغة، ولا فرق بينه وبين أي عربي من ناحية اللغة العربية الفصحى، فمن طالع تفسيره يعرف مدى تضلع الرجل في علم اللغة العربية.

ولد رحمه الله -كما سبق ذكره- في عام (٢٢٤هـ) وقيل في غيرها، ولعل سبب الاختلاف هو عندما قال: كان أهل بلادنا يؤرخون بالأحداث دون السنين، يقولون: العام الذي حصل فيه زلزال كذا أو حرب كذا أو طاعون كذا ونحو ذلك، فكان القدامى يؤرخون بالأحداث أكثر من تاريخهم بالأعداد والأرقام والسنين، فأُرخ مولدي بحادث كان في البلد، فلما نشأت سألت عن ذلك الحادث، فاختلف المؤرخون، فقال بعضهم: كان في آخر سنة (٢٢٤هـ)، وقال بعضهم: بل كان في سنة (٢٢٥هـ).

والفرق يسير، والمشهور في ولادته سنة (٢٢٤هـ).