لقد سار رسول الله صلى الله عليه وسلم في تربيته لأصحابه على تحقيق مبدأ الموالاة للمؤمنين والمعاداة للكافرين، وكانت هذه التربية تسير بخطىً ثابتة متشابكة، يأخذ بعضها برقاب بعضٍ حتى تؤدي إلى تكوين الشخصية الإسلامية النقية، القائمة على موالاة الله ورسوله والمؤمنين، ومعاداة الكافرين.
ومن الأمثلة على ذلك في الواقع المكي: إنشاء دار الأرقم التي كانت محط المسلمين ومقرهم، يتعارفون فيما بينهم، ويتناصرون ويتآخون، ويأخذ بعضهم بيد بعضٍ، حتى تحقق تكوين القاعدة الصلبة التي قام عليها المجتمع الإسلامي الكبير فيما بعد، وأما في المدينة فإن أمثلة موالاة المؤمنين لبعضهم كثيرة، منها: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار التي أرسى دعائمها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعضهم يقول لأخيه: اختر أي زوجتيَّ أحب إليك لأطلقها فتتزوجها أنت، وأشاطرك مالي، وكان بعضهم ممن لا يملك المواساة يترك داره وأهله في المدينة وهو من الأنصار، ويأتي ليقيم بين أهل الصفة؛ في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل الصفة هم: الفقراء القادمون ممن لا أهل لهم ولا عشيرة- فيقيم بينهم، ومنهم الصحابي الجليل كعب بن مالك رضي الله عنه.