الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، أشهد أن الله ولي الصالحين، ورب الأولين والآخرين، وخالق الإنس والجن والناس أجمعين، سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء كما يشاء على ما يشاء سبحانه وتعالى، لا معقب لحكمه، ولا يُسْأَلُ عما يفعل وهو الحكيم الخبير.
ومما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله: أنه ربما يرى شخص في المنام أن شعره قد قص، أو أنه لبس طاقية، فيصبح وقد قص شعره فعلاً وأُلبس تلك الطاقية، ويكون ذلك بفعل الشياطين، قصوا شعره في المنام، وبعد ذلك يصدق ببقية المنام ويكون فيه من الشرك والكفر ما الله به عليم.
وكذلك فإن من هذه الطرق أيضاً مناداة عباد القبور من داخل القبر، وهو شيءٌ تفعله الشياطين، فلا تُكذّب من قال لك: سمعت الشيخ من قبره يتكلم، فربما يكون صحيحاً لكن الذي تكلم هو الشيطان.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وقد يضعون مصروعاً عند القبر فيغادره الشيطان ويقوم بعافية، ليتوهم الناس أن الولي الذي في القبر عالجه، وإنما فعلت ذلك الشياطين، وغادرت المصروع ليستقر عند الناس أن الميت الذي في القبر هو البركة التي عالجت هذا المصروع، وإذا قُرئت هناك آية الكرسي بصدق بطل هذا، فإن التوحيد يطرد الشيطان، ولهذا حمل بعضهم في الهواء فقال: لا إله إلا الله فسقط على الأرض، ومثل أن يرى أحدهم أن القبر قد انشق، وخرج منه إنسان، فيظنه الميت وهو شيطان، ومثل المناداة من المغارات والجبال والكهوف؛ يأخذون إليها الشخص أو يذهب إليها بعض الناس، ويسمعون أصواتاً من داخل المغارات والكهوف، وما هي إلا شياطين، قال شيخ الإسلام رحمه الله: ومن أعظم ما يقوي الأحوال الشيطانية سماع الغناء والملاهي، وهو سماع المشركين، وهذا هو الذي يُفعل في حفلات الزار لمن سمع بها، وهي الحفلات التي يجتمع بها أناسٌ يضربون بالدف بالطبول العظيمة بأصواتٍ عالية جداً، ويرقصون رقصات جنونية حتى يؤدي بهم الأمر إلى الوقوع في حالة إغماء ونحو ذلك، ثم تتكلم الشياطين على ألسنتهم، وتحضر حفلات الزار؛ لأن الغناء والطبل يجر الشياطين، كما أن القرآن يطردهم، وربما خاطبه من عصفورٍ، أو من ثمرةٍ، أو من حجرٍ ونحو ذلك، وربما جاءه بصورة جميلة وزعم أنه ملكٌ يريد أن يزوره، وبعد ذلك تأتي الشركيات، والأمر بالسجود له، والصلاة له، وذبح شيءٍ له، ولذلك بعض الدجالين يقول: من شرط العلاج أن تذبح ديكاً أسود لكن لا تقل: باسم الله، لو قلت: باسم الله، فلن ينفع العلاج، وبعض الشياطين يأمرون الكهان الذين يتعاملون معهم أن يخنقوا لهم دابة بدون ذكر اسم الله عليها، وهكذا.