طوبى: هذا اسم للجنة واسم لشجرة الجنة، كما جاء في أحاديث ترتقي إلى درجة الحسن، أن طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها، من أغصانها تخرج ثياب أهل الجنة، هذه طوبى أكبر شجرة في الجنة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها كذا وكذا من السنين لا يدركها ولا يقطعها من عظمها.
طوبى أيضاً: كلمة ثناء ومدح في اللغة، أيضاً طوبى: العيش الطيب والهنيء، كل هذه الأشياء لعبد ما هي صفاته؟ هل هو عبد الدينار والدرهم؟! إنه عبدٌ من نوعٍ آخر، إنه لم يذكره هنا مضافاً إليه، فإذاً ما له إلا سيد واحد، إنه عبدٌ لربه، لم تتشعب به الدنيا فيكون عبداً للدرهم وعبداً للدينار وعبداً للخميلة وعبداً للخميصة، وعبداً للزوجة، وإنما هو عبدٌ لله، آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، ما هو سبيل الله؟ الجهاد، ما هو الفرس؟ عدة الجهاد، آخذ بعنان الفرس: يعني هذا دائماً حاضر ومستعد للجهاد، ما يحتاج إلى تجهز وإعداد، لأنه دائماً في استعداد للجهاد، لأنه أخذ بعنان فرسه في سبيل الله، آخذ بعنان الفرس مستعد دائماً للجهاد، ما هو العنان؟ هو مِقود الفرس الذي يقاد منه الفرس، هذا الرجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، هذه حياته، قد نذر نفسه لهذا، لأجل الجهاد في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله ليس له إلا معنى واحداً، من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله، الرجل هذا ليس إنساناً منعماً ولا مترفاً ولا منغمساً في الدنيا، ولا حريصاً عليها، والدليل على ذلك أنه قال في وصفه: أشعث رأسه، والأشعث: هو مغبر الرأس، من نتيجة ماذا حصل الغبار؟ من الجهاد؛ لأن الذاهب للجهاد والقتال يعلوه الغبار فالمقاتل في السفر وفي المعركة يثور عليه الغبار، فالرجل هذا أشعث.
وقد جاء جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم بعد معركة الخندق وهو يحث النبي صلى الله عليه وسلم على الذهاب للجهاد، إلى بني قريظة، فهذا الرجل أشعث رأسه، ليس عنده كريمات ولا مرطبات، ولا أمشاط، في الجهاد أشعث رأسه، مغبرةٌ قدماه من فوق ومن أسفل غبار؛ لأن هذا الرجل يمشي في طريق الجهاد، فهو مغبرةٌ قدماه، الغبار كثير لكثرة جهاده ومصابرته، الغبار كثير على رأسه وقدميه، فهذا الرجل بالإضافة إلى أنه نذر حياته للجهاد، ومستعد دائماً له آخذاً بعنان فرسه، ونيته صافية في سبيل الله وليس منعماً ولا منغمساً في الدنيا بل إنه من كثرة الجهاد واستمراريته في الجهاد دائماً مغبر، الشعث رءوساً: المغبرون.