ما المقصود بالمعاشرة؟ المقصود بالمعاشرة: المخالطة، والمصاحبة، وينبغي أن تكون هذه المعاشرة بالمعروف.
فما هو المعروف، بعد أن عرفنا معنى المعاشرة؟ قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:١٩]: أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحبون ذلك منهن، فافعلوا أنتم بهن مثله.
وقال بعض المفسرين: النَّصَفَة في المبيت، والنفقة، والإجمال في القول.
وقال الجصاص رحمه الله في هذه الآية: أمر الله تعالى الأزواج بعشرة نسائهم بالمعروف، ومن المعروف: أن يوفيها حقها من المهر، والنفقة، والقَسْم -أي: القسم بين الزوجات إذا كان له أكثر من زوجة- وترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض عنها، والميل إلى غيرها، وترك العبوس والتقطيب في وجهها بغير ذنب، وما جرى مجرى ذلك.
إذاً: فَسَّر قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:١٩]: أن يوفيها حقها من المهر، والنققة، إذا كان له أكثر من زوجة، وأن يترك أذاها بالكلام الغليظ، والإعراض، والميل إلى غيرها، وأن يترك العبوس والتقطيب في وجهها بغير ذنب منها.
وقال القرطبي رحمه الله في قوله:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:١٩]: أي: عاشروهن على ما أمر الله به من حسن المعاشرة، وذلك بتوفية حقها من المهر، والنفقة، وألا يعبس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون منطلقاً في القول؛ لا فظاً، ولا غليظاً، ولا مظهراً ميلاً إلى غيرها -لا يظهر الميل إلى غيرها- فأمر الله تعالى بحسن صحبة النساء، إذا عقدوا عليهن، لتكون أُدْمَة ما بينهم -أي: خلطة ما بينهم- وصحبتهم على الكمال، فإنه أهدأ للنفس وأهنأ للعيش.
وقال الشيخ: محمد رشيد رضا رحمه الله في تفسير المنار في قوله: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:١٩]: أي: يجب عليكم -أيها المؤمنون- أن تحسنوا عشرة نسائكم بأن تكون مصاحبتكم ومخالطتكم لهن بالمعروف، الذي تعرفه وتألفه طباعهن، ولا يُسْتَنْكر شرعاً، ولا عرفاً، ولا مروءة، فالتضييق في النفقة، والإيذاء بالقول أو الفعل، وكثرة العبوس -عبوس الوجه وتقطيبه عند اللقاء- كل ذلك ينافي العشرة بالمعروف، والغرض أن يكون كل منهما مدعاة سرور الآخر، وسبب هنائه في معيشته.
وبالجملة: فإن قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء:١٩] أن يجري مع زوجته بما جرى من عرف الناس، مما يعتبرونه من حسن المعاشرة، وتألُّف طباع النساء، وما يليق بكل زوجة بحسب حالها، بشرط ألا يُسْتَنْكَر ذلك شرعاً.
فإذاًَ مراعاة العرف -أيضاً- من الأشياء المهمة ما لم يخالف الشرع.