وبالنسبة للأخذ عن المشايخ، هناك أشياء منهجية في الأخذ عن المشايخ والتحذيرات، فمن تلك التحذيرات: أن بعض المبتدئين يريد من الشيخ أن يذكر له كل شيء من زبد وفروع ودقائق المسألة الواحدة، أول ما يقرأ يقول: أعطني كل شيء، جميع أوجه الخلاف، هات لي كل النكت والفوائد التي فيها، فهو يريد أن يكون مبتدئاً ومنتهياً في الوقت نفسه، وهذا مستحيل ومحال، وقد يطلب من الشيخ تدريس كتاب معين ليس في مستواه، يأتي مجموعة إلى الشيخ يقولون: يا شيخ! درسنا كتاباً، إما التدمرية في العقيدة، وهو ما درس الواسطية ولا الحموية، فكيف يدرس التدمرية.
فبعض الناس يريدون أن يُسيروا المشايخ ويفرضوا شيئاً معيناً، ولذلك على الشيخ ألا يرضخ لهم، وأن يمتحنهم ويسألهم ويعرف مستواهم، ثم يقرر عليهم كتاباً مناسباً لهم، ولا يسير على هوى الطلاب، وإذا جاء في الفقه للمبتدئين يدرسهم مذهب واحد مع دليله، يمكن أن يذكر قول آخر إذا كان هناك قولان قويان -مثلاً- لا يستطيع الترجيح بينهما، أما أن يعطي الطلاب على هواهم، يقولون: هات لنا الأقوال، فيعطيهم الأقوال، فهذا ليس بصحيح.
ومن الموضات المنتشرة الآن، وهذا قد يكون مدرك في أماكن غير أماكن في أماكن فيها كليات شرعية، وفي أماكن ليس فيها كليات شرعية، بعض الناس لا يحسوا بها لكنها موجودة، من الموضات الآن البحث عن الغرائب، ويقولون: العالم النحرير هو الذي يأتينا بشيء جديد.
ولذلك بعض الشيوخ أو بعض المدرسين الدكاترة في الكليات الشرعية، يضطرون للبحث عن الغرائب حتى يجاروا هذا التوجه، وهذا خطأ، ويقولون: نحن لا نريد أن نسقط من أعين الطلاب، ولا يتركونا الطلاب، ويقول: أنا أعرف يقيناً أنهم لا يفهمون ما أقول لهم.
وبعض الطلاب يجد غرائب فيذكرها لزملائه، ويذهب يجادل بها الشيوخ، هذا الأشياء الغريبة ديدن عند بعض الناس، لذته وأمنيته أن يعثر على شيء غريب، ثم يأتي ينشره بين أقرانه، يقول: قرأت كذا، وسمعت كذا، أو أنه يجادل به العلماء، ونحن نذكر تحذيره عليه الصلاة والسلام الذي حذَّر فيه من الذي يتعلم العلم ليجاري به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، هذا يكبه الله على وجه في النار.
وكذلك من التنبيهات: أن بعضهم قد ينصرف عن الشيخ لبطأه وتركيزه، ويقول: ذهبنا إلى المنطقة الفلانية جلسنا عند الشيخ.
يا أخي! الشيخ بطيء، فتركنا الشيخ، نأخذ أشرطة الشيخ ونسمعها كلها في ليالٍ وننهي المنهج، لابد من ثني الركب عند المشايخ، ولزوم حلق العلماء؛ لأن فيها أدب ومعرفة، وكما قلنا سابقاً: كان هناك آلاف يجلسون عند الإمام أحمد، قليل منهم يتعلمون العلم، والبقية يتعلمون الأدب، الجلسة مع الشيخ وفي حلقة العالم فيها تعليم أدب، ومع الأسف! نحن نعاني من ندرة العلماء، في منطقة ما فيها عالم واحد مع الأسف، ومع ذلك نحن نستعين بالله، والأمثل فالأمثل، وما لا يدرك كله لا يترك جله.