للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[موقف العصرانيين من تعدد الزوجات]

ولما أطال هؤلاء الغربيون وأذنابهم لسان القدح في تعدد الزوجات، جاء هؤلاء المنهزمون ينسخون بضلالهم وجهلهم آيات القرآن ويحرفون الكلم عن مواضعه.

ويقولون: لا تعدد في الدين، وإنه لا يمكن العدل، وإذاً لا يجوز التعدد، وخلطوا الأمور: {لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورُ} [التوبة:٤٨] خلطوها ببعضها، لا يمكن العدل في المحبة القلبية، لكن يمكن العدل في المبيت والنفقة، وليس الإنسان المسلم مطالباً بأن يعدل في المحبة القلبية، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يحب عائشة أكثر من بقية نسائه، ومع ذلك تزوج أكثر من واحدة، ولم يكن ظالماً عليه الصلاة والسلام إطلاقاً.

إذاً لن تعدلوا في المحبة القلبية، ولكن إذا عدلتم في المبيت والنفقة، فتزوجوا مثنى وثلاث ورباع، ولمَّا قال الغربيون: لابد من مساواة الرجل بالمرأة في جميع نواحي الحياة، وافقهم هؤلاء المنهزمون، وقالوا: هذا هو الذي ينادي به ديننا ويدعو إليه، ولذلك رفضوا مبدأ أن تكون المرأة غير متولية للولايات العامة؛ كما قال بذلك أهل الإسلام استناداً على حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة).

ولذلك لا تتولى المرأة ولاية عامة في المجتمع الإسلامي، لا خلافة ولا وزارة ولا قضاء؛ لأنها لا يمكن أن تقوم بحجابها المفروض عليها، وتحريم الخلوة المفروض، والحيض والنفاس الذي هو من طبيعتها، وضعف عقلها مقابل قوة عاطفتها، لا يمكن أن تقوم بولاية عامة.

ولو وُجد لذلك حالات شاذة، فإن الدين لا يُبنى على الشواذ، وليست الحالات الشاذة قاعدة أصلاً، ولما قام هؤلاء بالهجوم على الحدود الشرعية، وقالوا: إنها همجية في رجم الزاني المحصن، وقطع يد السارق ونحو ذلك، قام هؤلاء يوافقون الغرب ويقولون: لا رجم في الإسلام، ويقولون: إن إنزال الحد لا يتفق مع روح القرآن، وإن تحويل المجتمع إلى مجموعة من المشوهين لا تريده الشريعة.

وهذا في الحقيقة استهزاء بحدود الله تعالى، ولذلك فإن هؤلاء أذناب الغرب المنهزمين من أبنائنا، يقولون: بعدم معاقبة المرتد، وينكرون حد الردة، وينكرون رجم الزاني المحصن، وليس على شارب الخمر حد معين عندهم، ويجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج باليهودي والنصراني؛ لأن هناك ضغطاً من الخارج، يقول: لماذا تفرقون؟ لماذا ليس عندكم مساواة؟ أين العدل؟ لماذا لا تتزوج المسلمة يهودياً أو نصرانياً؟ فلتتزوج، فقال هؤلاء بجواز الزواج وقرروه، والله تعالى قال في كتابه العزيز: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة:١٠] {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة:٢٢١] لا تزوج ابنتك ولا أختك إلى مشرك: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) فقال هؤلاء: بلى يجوز أن تنكح.

عاندوا الشريعة، وخرجوا عن أحكام الدين، وكذبوا بشرع الله تعالى، وعاندوا أحكامه، كل ذلك تحت مطرقة الضغط، وتحت الضغوط تأتي الانهزامية، وتقدم التراجعات، ويقال: الإسلام دين سماحة، وليس دين جهاد ولا دين حدود، تُنسف الأشياء هكذا، يريدون إلغاءها بجرة قلم، إنه انهزام أمام الكفرة.

أين عزة المسلم الذي يفتخر بشريعته؟ أين العزة المسلم الذي يرى أن هذه القوانين الغربية تتهاوى وتسقط وتثبت فشلها يوماً بعد يوم؟! إن الشريعة -أيها الإخوة- مفخرة للمسلمين، ولا يمكن إنقاذ العالم من الظلم إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية.