إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن الاستعانة بالله عز وجل ركن التوحيد، كما قال الله تعالى وكما نقولها في الصلاة:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥]، وكان عليه الصلاة والسلام يستعين بربه على قومه، فروى البخاري رحمه الله عن ابن مسعود (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دعا قريشاً كذبوه واستعصوا عليه، فقال: اللهم أعني عليهم بسبعٍ كسبع يوسف، فأصابتهم سنَةٌ -أي: قحط- حصت كل شيء حتى كانوا يأكلون الميتة).
وقال يعقوب -عليه السلام- لما ذكر له أولاده الكذب في فقد يوسف، ثم قالوا له ما حصل في فقد أخيه الأصغر، قال:{وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}[يوسف:١٨].
وكذلك قالها عثمان رضي الله تعالى عنه عندما أخبره أبو موسى بكلام النبي صلى الله عليه وسلم:(افتح له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه.
قال: فقمت ففتحت له وبشرته بالجنة، فأخبرته بالذي قال صلى الله عليه وسلم فقال عثمان: الله المستعان!) رواه البخاري.
وذكر لنا ربنا عز وجل في محكم تنزيله قاعدة عظيمة جداً تحوي أموراً لا يمكن حصرها، فقال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة:٢] قال ابن كثير رحمه الله: يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر، وترك المنكرات، وينهاهم عن التناصر على الباطل، والتعاون على المآثم والمحارم، ففعل الخيرات هو البر نتعاون فيه، وترك المنكرات هو التقوى نتعاون عليه كذلك، ولا نتعاون على إثم كالباطل، ولا على محرم؛ لأن المعاون فيه شريك في الإثم.