وهنا تذكير في أثناء مرور الأطباء على المرضى في الغرف: أن ينوي الطبيب بإتيانه للمريض أنه يعوده لتحصيل الأجر، فإن بعض الإخوان من الأطباء قد يمر على المرضى بحكم أن هذا عمل، وأنه لا بد أن يقوم بالجولة المعينة على الغرف الفلانية والأسرة الفلانية، وينسى في غمرة هذا العمل أن ينوي في قلبه أنه الآن يمر عليهم ليس فقط لمعالجتهم والتأكد من أحوالهم، أو أن هذا العمل موكل إليه وهذا التوزيع المعين، وإنما -أيضاً- ينوي أن يمر للعيادة لتحصيل الأجر العظيم؛ لأن في عيادة المريض أجراً عظيماً، فعن ثوير عن أبيه قال: أخذ علي بيدي فقال: انطلق بنا إلى الحسن بن علي نعوده، فوجدنا عنده أبا موسى الأشعري، قال علي لـ أبي موسى: عائداً جئت أم زائراً؟ فقال: عائداً.
فقال علي: فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم يعود مسلماً غدوةً إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، ولا يعوده مساءً إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة) والخريف هو المخرف، أي: الثمار المجتناة في الجنة، طوال ذهابه وعودته وهو يمشي في خرافة الجنة، في الثمار المجتناة التي تكون له في الجنة.
فإذاً: لا ننسى تحصيل هذا الأجر، ولذلك نجد بعض الإخوة الأطباء عندهم روح طبية في زيارتهم، فتجده لو مر بمريض ليس بمريضِهِ وليس بمكلف بالمرور عليه، تجد أنه يأتي ويسلم: السلام عليكم، كيف أنت يا أخي؟ هل تحتاج شيئاً؟ وهذه الأشياء ليست علاجاً، فهو لن يعطيه إبراً أو أدوية، وإنما يعطيه كلمات، وقد لا يكون المريض تابعاً لنفس الطبيب، لكن هذه الكلمات ينوي بها العيادة ولن يخسر شيئاً؛ لأنه سيمر بسريره وسرير غيره، فيحصل أجراً عظيماً، فهذه فرص للأجر لكم تستطيعون تحصيلها، ليس كغيركم من الزوار الذين لا يأتون إلا جزءاً من ساعة معينة في اليوم، وقد لا يأتي يومياً، وأنت يومياً تستطيع أن تكسب هذا الأجر.