يقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وقال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
وقال:(من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
فمغفرة الذنوب لهذه الأسباب الثلاثة، كل واحدٌ منها مكفرٌ لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر، فتحصل المغفرة والتكفير بقيام ليلة القدر ولمن وقعت له وأصابها، سواء شعر بها أم لم يشعر.
أما في صيام رمضان وقيامه فيتوقف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه، ومن نقص من العمل الذي عليه نُقص له من الأجر بحسب نقصه، فلا يلومن إلا نفسه.
الصلاة مكيال، والصيام مكيال؛ فمن وفاها وفّى الله له، ومن طفف فيهما فويلٌ للمطففين، أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته، ويطفف في مكيال صيامه وصلاته؟ إذا كان الويل لمن طفف في مكيال الدنيا:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}[المطففين:١ - ٣] فكيف حال من طفف مكيال الدين؟! {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}[الماعون:٤ - ٥].
وهذا الويل لمن طفف، فكيف حال الذي فرط بالكلية؟ كيف حال الذي لم يقم ولم يصم وهم أعداد ممن ينتسبون إلى الإسلام؟! ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم:(من أدركه رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله -وقالها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم- ثم قال له: قل آمين، فقلت: آمين) دعاءٌ عليه بالإبعاد عن رحمة الله والطرد عنها؛ لأن ذلك الشهر قد مر ولم يستفد منه؛ لأن ذلك الموسم العظيم قد حصل ولم ينهل منه، لم ينتهز الفرصة فتباً له.
وإذا كان لم ينتهز الفرصة العظيمة فهو لإهمال ما هو أدنى منها من باب أولى، أي: إذا فرط في رمضان فتفريطه في غير رمضان من باب أولى، ولذلك أبعده الله؛ لأنه لا يستحق أجره، ولا يستحق الرحمة ولا المغفرة، ولا شك أيها المسلمون! أننا قد حصل منا تطفيف بالصيام والقيام، وقد حصل منا إخلالٌ بآداب الصوم الواجبة والمستحبة.