وآخر قصة في هذا العدد عن امرأة نصرانية أبكاها القرآن، وهذه قصة مؤثرة حكاها أحد الدعاة إلى الله تعالى وقال: كنا ستة نفر من المنتسبين إلى الإسلام على ظهر سفينة مصرية تمخر بنا عباب المحيط الأطلسي إلى نيويورك من بين عشرين ومائة راكب وراكبة أجانب، ليس فيها مسلم، وخطر لنا أن نقيم صلاة الجماعة في محيط على ظهر السفينة، وقد وافق قائد السفينة أن نقيم صلاتنا وكان كافراً، وسمح للبحارة والطهاة والخدم وكلهم من المسلمين، وكانوا من الليبيين المسلمين أن يصلوا معنا، وقد فرحوا بهذا فرحاً شديدا؛ ً إذ كانت المرة الأولى التي تقام فيها صلاة الجمعة على ظهر السفينة.
وقمت بخطبة الجمعة، وإقامة الصلاة، والركاب الأجانب معظمهم متحلقون يرقبون صلاتنا، وبعد الصلاة جاءنا كثيرون منهم يهنئوننا على نجاح القداس، ظنوه القداس وأن المسألة مثل مسائل النصارى، وهذا ما فهموا عن صلاتنا، ولكن هناك امرأة من الحشد تعرفنا فيما بعد أنها أوربية، كانت شديدة التأثر والانفعال، تفيض عيناها بالدمع ولا تتمالك مشاعرها، جاءت لتهنئنا بحرارة وهي لا تملك نفساً من التأثر العميق، وليس هذا موضع الشاهد من القصة، ولكن ذلك كان في قولها، أية لغة هذه التي يتحدث بها قسيسكم؟ وهذا تصورها، وقد صححنا لها الفهم بأنه ليس هناك قسس في الإسلام، وأجبناها على سؤالها على اللغة التي كان يتحدث بها الخطيب، فقالت: إن هذه اللغة التي تحدث بها لها إيقاع عجيب، وشعور في النفس غريب، وإن كنت لم أفهم منها حرفاً واحداً، ثم كانت المفاجئة الحقيقية لنا وهي تقول: لكن ليس هذا هو الموضوع الذي أريد أن أسأل عنه، إن الموضوع الذي لفت حسي هو أن الإمام كانت ترد في أثناء كلامه فقرات من نوع آخر غير بقية كلامه، نوع أكثر تأثيراً، وأعمق إيقاعاً، هذه الفقرات الخاصة كانت تعمل في نفسي رعشة وقشعريرة، إنها شيء آخر يختلف عن كلام الخطيب، وتفكرنا قليلاً ثم أدركنا أنها تعني الآيات القرآنية التي وردت في أثناء خطبة الجمعة وفي أثناء الصلاة، وكانت مفاجأة لنا تدعو إلى الدهشة من امرأة لا تفهم شيئاً مما نقول، فسبحان الذي أنزل الكتاب وجعل له هذا السلطان والتأثير.