وأهمية التوبة ترجع إلى أهمية عامة وأهمية خاصة: فأما الأهمية العامة -أيها الإخوة-: فإن هذا الأمر -التوبة- من الأمور العظيمة جداً في الإسلام، حيث أمر الله تعالى به المؤمنين، فقال:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[النور:٣١] فهو لم يوجه الأمر بالتوبة إلى الفسقة والظلمة والكفار فقط، وإنما أمر بتوبة المؤمنين أيضاً، وهذا مما يدل على أهميتها في الإسلام، وعلى عظم شأنها عند الله عز وجل.
والأمر الآخر -أيها الإخوة-: أنه في هذا الظرف الذي نعيش فيه من تكالب الحياة المادية على نفوس البشر، وابتعادهم عن الإسلام، وعن الصحوة الإسلامية التي بدأت تدب في نفوس الناس، فإن الحديث عن التوبة حديث ذو شجون، وله من الأهمية شيء عظيم جداً؛ لأن الكلام في هذا الموضوع هو بداية التصحيح، وهو المعيار الحساس الذي يحس به أولئك العائدون إلى الله عز وجل، الذين بدأ انتشالهم من أوحال المعاصي والذنوب.
ولذلك كان لابد من معاودة الكلام وتكراره في المجالس، ولابد للدعاة إلى الله عز وجل أن يحوموا حول هذا الموضوع وأن يقعوا فيه، وأن يبينوا للناس عظم شأن التوبة بشروطها وأركانها وواجباتها ومستحباتها، وعظم شأنها في الإسلام.
لأن هذا الموضوع هو النور الذي ينير لمن ابتعد عن شرع الله عز وجل، وهو منار الهدى الذي تهفو إليه أفئدة وبصائر أولئك الناس الذين اغتالتهم الشياطين بعيداً عن دينهم، وإن هذا الموضوع هو الذي يجدد الأمل في نفوس التائبين، ويزيل اليأس من نفوس العائدين إلى مائدة الله عز وجل، وإلى شرع الله تعالى