حب الرئاسة له آثارٌ مترتبةٌ عليه لمن لم يخش الله ولم يتقه فيما وُلِّي، والسعي إليها بغير مبررٍ شرعي من أسباب حبوط العمل وفقدان الإخلاص، لأنه يصبح للإنسان غرض دنيوي يسعى إليه، وهدفٌ يطمح إلى تحقيقه وهو أن يترأس ويتزعم، فيوالي ويعادي بناءً على هذه المصلحة الشخصية، وقد يظلم ويفتري ويقترف من الآثام ما يقترف من أجل الوصول إلى هدفه، ويظلم العباد من أجل المحافظة على منصبه ومكانته، وبناءً على ذلك أي إخلاصٍ يرجى في مثل هذا الموقع؟! ومن الأمور والآثار المترتبة على هذا كذلك: الحرمان من التوفيق، قال النبي عليه الصلاة والسلام لـ عبد الرحمن بن سمرة:(يا عبد الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألةٍ) -أعطوك الإمارة لما سألت وألححت- (أوكلت إليها) فالله لا يعينك بسبب حرصك على ذلك، (أوكلت إليها)، والناس لا يعينوك أيضاً، لأنك أنت تسعى فأنت صاحب الطمع الشخصي- (وإن أوتيتها عن غير مسألةٍ أُعِنْتَ عليها) إذا رفعك الناس وقالوا: تعال وتولَّ، أنت أفضل من هو موجود، نحن نريدك، فإذا دفع إليها دفعاً، أعين عليها، الناس يتكاتفون معه، يقومون معه يعينونه، لأنه ليس صاحب طمع شخصي، بل هم الذين دفعوه وحملوه المسئولية، فيقومون معه، ويعينه الله قبل ذلك، لأنه ما تولى هذا الشيء إلا لمصلحة المسلمين ليس لمصلحته الشخصية هو.
وكذلك من آثار حب الرئاسة السلبي: الوقوع في البدع والضلال، كما قال أبو العتاهية رحمه الله:
أخي من عشق الرئاسة خفت أن يطغى ويحدث بدعةً وضلالة
فهو يزين الذميم ويقمع المخالف بأي وسيلة، يترتب عليه ظلمٌ كثير إذا لم يخش الله، فيمنع غيره من الأكفاء من الوصول إلى مثل منصبه ويعرقلهم ويضع العوائق في طريقهم، كيف وقد تلبس الشيطان بداخله وزين له أمره؟! هذه لذة لا يتخلى عنها لمن هو أفضل منه إلا من عصمه الله ليس الأمر سهلاً وكذلك: إذا لم يكن على أهلية، افتضح وظهر أمره وتقصيره وأنه عاجز ليس بأهل، ولا يستطيع حل المشكلات، فإما أن يعاند ويستمر وينجرُّ عليه من الإثم، أو يتخلى مع ما حصل له من الفشل وهذا أيضاً أمرٌ مر، ولكنه أهون، لكن السؤال لماذا تصدر وليس بأهل لذلك؟!! قد يجلس في مجلس علم يتصدر، ويجمع الناس حوله ليعلمهم ثم يظهر من حاله وفي جلسته وحلقته وإجابته عن الأسئلة لا يفضح حاله ويبين جهله، فيتركه الناس ويقومون عليه، هو الذي تصدر؛ [تفقهوا قبل أن تسودوا].
فالمنصب له أحكام، والمسألة تحتاج إلى علم، ولا يجوز لإنسان أن يتقدم بدون علم وأهلية، هو الذي اختار ذلك وسعى إليه، فأكلَ النتيجة، كانت النتيجة مراً وعلقماً.
وكذلك من آثار الحرص على الرئاسة والسعي إليها: الابتلاء بالشحناء وتفرق الصف وحصول الصراعات الداخلية والتنافسات، وكلٌ من الحريصين عليها يتهم الآخر بأنه قاصر وعاجز، أو يتهم الواحد الآخر بأنه يريد إقصاءه ويتبادلون الاتهامات، يقول هذا: تريد أن تقصيني عن موضع التأثير والقيادة، وهذا يتهم الآخر في مثل ذلك فيفشل العمل، أي عمل تجاري دعوي أو أي عملٍ من الأعمال إذا حصل في هذا الأمر يفشل.