على العبد أن يفكر في أعماله من الطاعة والمعصية، فالمؤمن يأتي إلى الطاعة راغباً نشيطاً لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرة، فإذا عرضت له رغبة في الدنيا فعلى الله تعالى فيما يرجو عونه على السعي إلى الآخرة، فإن كان ولابد أن يأخذ بشيءٍ من الدنيا كان ذلك بما لا يشغله عن الدار الآخرة، يباشر الطاعة خاشعاً خاضعاً، مستحضراً أن الله يراه، ولذلك فهو يأتي بها على الوجه الذي شرعه، وقد قال الله عز وجل:{يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}[المؤمنون:٦٠].
فإذا تصدق صدقةً خاف على نفسه من الرياء، وإذا قام الليل خاف على نفسه من العجب، وإذا فعل الطاعات كأن تعلم ودعا خاف على نفسه من الرياء، وأن يكون ذلك لأجل الخلق، فينقي نيته ويصحح قصده باستمرار.
هذا هو حال المؤمن، لا يزال ينقي نيته لأنه يعلم أن الله لا يقبل العمل بلا نية صالحة، وإذا أخذ من نعيم الدنيا شيئاً فإنما هو لكسر شهوةٍ لابد من كسرها، كشهوة الجوع والنكاح، وكذلك من أجل أن تتقوى نفسه على العبادة، يصحح النية في العبادة لكي لا تكون لأجل الناس، ولا يأخذ من الدنيا إلا بقدر ما يعينه على استمراره للدار الآخرة، يجاهد نفسه ضد الشبهات والوساوس مستعيناً بطاعة الله، واقفاً عند حدوده، مبتهلاً إلى الله أن يثبت قلبه ويقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك.