وتسليط الأعداء من آثار المعاصي أيضاً، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم:(يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاءٌ كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم) فإذا نزعت المهابة من صدور أعدائنا فإنهم سيتسلطون علينا بأنواع التسلط، فلا عجب في ذلك، وإذا صار بأسنا بيننا بسبب المعاصي والانحرافات العقائدية والعملية؛ فلا غرابة في ذلك، وإذا كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما عصوه في أحد، وابتدروا الغنائم وتركوا المكان عوقبوا بتلك المصيبة العظيمة، كما جاء في الرواية: فلما أبوا صَرْفَ وجوههم أصيب سبعون قتيلاً، فما بالك بنا نحن ونحن أقل إيماناً وأضعف؟ ولذلك كان تسليط الأعداء علينا في هذا الزمان سبباً مباشراً وطبيعياً لما حدث عندنا من الانحرافات والمعاصي، ثم إن لله جنوداً يسلطهم؛ من ريحٍ مدمرة، أو زلازل مهلكة، أو براكين وهزاتٍ أرضية وصواعق وخسف وغير ذلك، وحتى عامة المسلمين يحسون بهذا.
ولذلك وقعت مشاجراتٌ في تركيا بين بعضٍ عامة المسلمين وأصحاب الملاهي والخمارات، وقالوا لهم عيانا: أنتم سبب نكبتنا، وقام بعض العامة بالهجوم على شابٍ يُقَبِّلُ فتاة في الشارع بعد الزلزال بوقت، لا زالت الكارثة في أذهانهم ونفوسهم! ليقولوا وهم يهجمون: هذا سبب البلاء الذي نزل بنا، ولكن أصحاب الغفلة لا زالوا يصرون على تعليل هذه المصائب بأمورٍ دنيوية، وأنه لا علاقة للمعاصي بالقضية، ولا لترك الإسلام، وإذاً فقد كان المكان الذي ضربه الزلزال هو الذي اتخذ فيه قرار مواجهة المسلمين، وكذلك الإصرار على تنحية شرع الله، وليتهم يتعظون، فها هم يسنون القوانين لأجل تغيير أحكام قوامة الرجل على المرأة بحيث تخرج وقتما تشاء، وتكون حرةً في حياتها، وتشاركه في المقابل في النفقة، وهذا عين الفساد الذي أصاب الأسر الغربية، ولكن الله إذا طمس البصائر فلن تملك لهؤلاء هادياً ولا نوراً يدخل إلى قلوبهم.
اللهم إنا نسألك بأنك أنت الله الحي القيوم أن ترزقنا التوبة من المعاصي، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنةً فاقبضنا إليك غير مفتونين، إنك سميعٌ مجيب قريب، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم، وأوسعوا لإخوانكم يوسع الله لكم