ومن عوائق الهداية: هواة المكاسب والمغانم الدنيوية، فبعض الناس يعملون في أعمال محرمة كرجلٍ يعمل في مؤسسة ربوية، أو في عمل محرم في فندقة أو سياحة يشارك في المحرمات كالفواحش والخمور، ونحو ذلك من الأعمال المحرمة، فإذا جاءه خاطر الهداية، قال: الآن لو اهتديت، وجب علي ترك العمل؛ لأنه محرم يتناقض مع الهداية، فإذا تركت العمل فات المرتب والمرتبة! وأين أجد عملاً آخر؟ أو فاتني الجاه والمنصب، كما وعظ أبو العتاهية الشاعر الخليع أبا نواس فماذا رد عليه أبو نواس، قال:
أتراني يا عتاهي تاركاً تلك الملاهي أتراني مفسداً بالنسك عند القوم جاهيِ
تريدني أن أصبح متنسكاً فأفسد جاهي عند القوم، أنا محدثهم أو أنا مضحكهم والذي أقص عليهم القصص التي ترفه عنهم ونحو ذلك، فكان مقرباً من بعض السلاطين، وكان يحبه الوجهاء والأغنياء ونحو ذلك من السفهاء والفسقة، فيأتون به يحدثهم ويقص عليهم، فإذا اهتدى معناه أنه سيترك هذه الأجواء وتفوته الأعطيات، أو يكون الإنسان في مكان يأخذ الرشاوى والعمولات، فإذا جاء خاطر الهداية، قال: سيفوتني هذا الدخل وهذه الأموال، هذه أشياء دنيوية زائلة، والدنيا كلها ملعونة بنص الحديث:(الدنيا ملعونة؛ ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، أو عالمٌ ومتعلم) ثم نقول: إن الله عز وجل يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:٢ - ٣].