من أسباب الانتكاس: الاشتغال بالدنيا، فبعض الناس كانوا عباداً زهاداً أتقياءً دعاة، يطلبون العلم، اشتغلوا بالتجارة، وبعضهم ربما اشتغل بالتجارة لسبب ديني أن يقول: أكسب عيشاً حلالاً وأتصدق وأدعم المسلمين بدلاً من أن أترك الفسقة يعملون أنا أدخل في التجارة، لكن لا يدخل بمقدمات صحيحة، ولا بعهدٍ متين مع الله، ولا بنفسية خالية من الشح، ولكنه يدخل على وهنه، ويتغير شيئاً فشيئاً، حتى يكون في النهاية بعض الناس المتساهلين من التجار أحسن منه وأكثر صدقاتٍ منه، ويتوسع ويتوسع حتى يقع في الحرام، ويترك الواجبات وقد لا يخرج صدقة فصدقاته شحيحة، لو قارنت نسبة الصدقات التي كان يتصدق بها وهو طالب لوجدت رصيد التصدق وهو طالب أكثر مما تصدق وهو تاجر:{وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[التوبة:٧٥ - ٧٦].
فانتبهوا يا أيها المشتغلون بالتجارة المقبلون على الدنيا أو طلب الوظائف الكثيرة، أو العمل في أكثر من وظيفة، لربما تكون هذه الوظائف سبباً في فتنتك وانتكاستك، ولا تجد وقتاً للعبادة، إن الضرورة لها حالات، لكن الذي يقبل للتوسع في الدنيا يكون هذا من أسباب انتكاسه، وبعض الناس ينتكسون بسبب التخويف والإرجاف، فيسمع عن حالات، أو يسمع عن تعذيب، وسجن ونحو ذلك وابتلاءات وقعت لبعض الناس فيخاف ويخشى الناس وينسحب! ينبغي أن يكون حالنا كما قال الله:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}[آل عمران:١٧٣]، هذا هو الحال، لا أننا إذا سمعنا الأخبار أو تطايرت الأنباء، خفنا وجبنا وتراجعنا وانسحبنا، أو إذا حصل لأحدٍ شيء خاف الآخرون وتركوا التمسك بالدين، هذا فعل الذي لم يثبت، ولم يشأ الله أن يثبت قدميه على طريق الهداية.