للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علي بن أسد يطلب الشهادة فينالها]

علي بن أسد كان رجلاً مسرفاً على نفسه بالمعاصي، قتل حراماً، وصنع أموراً عظاماً، فمر ليلةً بـ الكوفة، فإذا برجل مسلم يقرأ القرآن في جوف الليل: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:٥٣] فقال علي: أعد، فأعاد، ثم قال: أعد، فأعاد، ثم قال: أعد، فأعاد، فعمد فاغتسل ثم غسل ثيابه فتعبد حتى عمشت عيناه من البكاء، وصارت ركبتاه كركبتي البعير أي: من كثرة سجوده، فغزا في البحر وهو كهل يظن بأنه لا يذهب إلى الجهاد، فلقي الروم مع المسلمين فقال: لا أطلب الجنة بعد اليوم أبداً، هذا هو اليوم الذي أطلب فيه الجنة، فاقتحم بنفسه في سفنهم فما زال يضربهم وينحاز، ويضربهم وينحاز، عندما اقتحم السفينة جعل يضربهم فيهربون من موضعٍ إلى موضع، يخشون جرأته وبأسه وشجاعته؛ يقتل من يقتل، ويهرب الباقي إلى طرفٍ في السفينة، حتى انكفأت السفينة فانقلبت؛ فغرق وعليه أدراع الحديد فمات شهيداً في البحر يرحمه الله.

ورمى العدو جند المسلمين بالنصل فقال معاوية رضي الله عنه: [أما إذا فعلوها فافعلوا، فكانوا يترامون بها، فتهيأ روميٌ لرمي سفينة أبي الفادية من المسلمين -سفينة عليها قائد هو: أبو الفادية - جعل هذا الرومي نصلاً مشتعلاً في طنجرة ليرميه على سفينة المسلمين، فرماه أبو الفادية بسهمٍ فقتله قبل أن يقذف الطنجرة؛ وخرت الطنجرة المشتعلة في سفينة النصارى فاحترقت بأهلها وكانوا ثلاثمائة] فكان يقال: رمية كرمية أبي الفادية قتلت ثلاثمائة نفر.