ومن أسباب التقصير في الأذكار الشرعية: كثرة الذنوب، وعدم تذكر الموت، والتوسع في المباحات فالمعاصي أيها الإخوة إذا لم يتحرز منها الإنسان ولو كانت صغائر وتراكمت الصغائر عليه فإنها توقعه في مصائب {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:٣٠] كيف يعفو عن كثير؟ {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}[فاطر:٤٥] لو أن الله عز وجل يريد أن يحاسب الناس فعلاً على ما يعملون ما ترك على ظهرها من دابة لكنه يعفو عز وجل.
يقول أحد السلف وهو الضحاك رحمه الله: ما نعلم أحداً حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب، ثم تلا:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}[الشورى:٣٠] ثم يقول الضحاك رحمه الله: وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن.
ودخل بعضهم على كرز بن وبرة وهو يبكي، فقال له: أتاك نعي بعض أهلك؟ قال: أشد، قال: وجعٌ يؤلمك؟ قال: أشد، قال: وما ذاك؟ قال: بابي مغلق ولم أذكر حزبي البارحة.
ما الذي حز في نفسه وأبكاه؟ فات عليه الحزب، فاتت عليه الأذكار ونام عنها فهو يبكي، ثم قال: لم أقرأ حزبي البارحة وما ذاك إلا بذنب أحدثته.
الله عز وجل لم يفوت عليه هذه الأذكار إلا بذنب كم من ذنب منع من صلاة جماعة؟! وكم من أكلة منعت من قيام ليلة؟! وكم من نظرة منعت من قراءة سورة؟! وكما أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، فالفحشاء تنهى عن الصلاة والخيرات.
وقال ابن القيم رحمه الله: من آثار المعصية حرمان الطاعات.
فالعبد إذا أذنب ذنباً حرم بسبب هذا الذنب طاعة وثانية وثالثة ورابعة حتى يصبح بعيداً عن الطاعات وعمله في المعاصي، وهذا كرجل أكل أكلة أوجبت له مرضة طويلة منعته من أكلات، مع أن المرضة التي تمنع من أكلات دنيوية بسيطة فإن الشخص يشفى ويأكل فهذه ليست مشكلة، لكن المشكلة عندما يحرم من الطاعات بسبب مرض القلب أو بسبب الذنوب.